ويُمثّل إنشاء المنطقة اللوجستية في سفاجا خطوة مهمة إلى الأمام من خلال جهود متواصلة من الدولة المصرية لتعزيز قدراتها التجارية، وتعزيز مكانتها كمركز تجاري إقليمي.
وتتزامن المنطقة اللوجستية المقترحة مع إطلاق مجموعة موانئ أبوظبي لمحطة سفاجا 2، مما يُعزّز البنية التحتية التجارية في المنطقة.
ووقّعت هيئة موانئ البحر الأحمر (RSPA) مؤخرًا عقدًا مع شركة أبوظبي للموانئ، تلتزم فيه بمبلغ 200 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات لبناء وتطوير محطة متعددة الاستخدامات في ميناء سفاجا البحري.
وأوضحت الباحثة الاقتصادية، إيمان عبد المنعم، أن "الهدف من هذه المناطق هو خفض أسعار السلع الغذائية وتحقيق عائد اقتصادي للبلاد"، مشيرةً إلى أن "الدولة لديها خطط لاستغلال المكانة الجغرافية لمحافظة البحر الأحمر لتصبح محورًا تجاريًّا، أحدهما في سفاجا والآخر في الغردقة".
وأضافت لـ"إرم اقتصادية" أن "هذه المناطق ستعتمد على تقليص المعاملات، بحيث يكون التعامل مع المزارعين بصورة مباشرة دون وساطات، ويتم تحديد سعر معين للمواد الغذائية يُطبق على الجميع".
وأوضحت أن "الهدف الرئيس من المنطقة اللوجستية هو توزيع السلع الغذائية على المناطق الأخرى في مختلف المحافظات"، مضيفةً أن "قُربها من محافظات مدن الصعيد، يُسهم في تعزيز دورها".
وأضافت أن "المنطقة اللوجستية تشمل مخازن رئيسة تتيح تخزين البضائع الواردة ليتم تجهيزها بشكل جيد وتتسلمها عربات مبردات لتوزيعها على المناطق المختلفة، والفائض منها يتم تصديره من خلال ميناء سفاجا البحري".
ونظرًا لجغرافية مصر الاستراتيجية مع سواحلها على البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، تعمل البلاد بنشاط على تطوير موانئها البحرية وإنشاء مناطق حرة لجذب الاستثمارات، وتسهيل أنشطة الاستيراد والتصدير.
وتُعدُّ موانئ البحر الأبيض المتوسط الرئيسة، بما في ذلك الإسكندرية ودمياط وبورسعيد، إلى جانب موانئ البحر الأحمر المهمة مثل العين السخنة والسويس ونويبع، من المساهمين الرئيسين في حجم التجارة الدولية لمصر.
وكشف تقرير صدر في يونيو 2023 عن المركز المصري للدراسات الاستراتيجية (ECSS) أن "ما يقارب 90% من حجم التجارة المصرية يتم عبر الموانئ البحرية".
ومن جانبه، قال الخبير الزراعي، الدكتور إبراهيم درويش، إن "أهمية هذه المناطق تتجاوز توفير السلع في الداخل، وإنما يمكن من خلالها التصدير إلى العديد من مناطق العالم"، معتبرًا أن "مصر تسعى لتتحول إلى مركز لوجستي عالمي".
وأضاف درويش، لـ"إرم اقتصادية"، أن "مصر توسعت في إقامة الموانئ الجافة على مستوى الجمهورية، وتطوير شبكة الربط بين الموانئ البحرية والجافة والمناطق اللوجستية، مع العمل على تعزيز مشروعات الربط مع دول الجوار، وكذلك التوسع في إقامة المناطق الاقتصادية والصناعية الخاصة، وإتاحة المزيد من الفرص الاستثمارية الواعدة في العديد من القطاعات".
وأشار إلى أن "مصر تمتلك القدرة على تخزين ونقل السلع والحبوب، خاصة أن نحو 50 سفينة تعبر بشكل يومي عبر قناة السويس التي تُمثّل نحو 12% من التجارة العالمية، بما يقارب ثلاثة تريليونات دولار من السلع العابرة عبر القناة".
والرؤية الاستراتيجية للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس هي أن تصبح مركزًا إقليميًّا لمختلف الخدمات، خاصة الخدمات اللوجستية، من خلال إنشاء مناطق لوجستية ومستودعات ودفع أعمال التطوير في الموانئ، وفق تصريحات حكومية رسمية.
ومن جهته، قال الخبير الاقتصادي، أحمد متولي، إن "الخدمات اللوجستية تُعدُّ أحد أساسيات التجارة الدولية في العالم في الوقت الحالي، مع تعدد سلاسل الإمداد والتوريد، وبالتالي يبقى تعزيز هذا المسار أحد أهم محاور العمل في الدولة المصرية خلال السنوات الماضية حتى يمكن تعزيز فعاليتها في الاقتصاد العالمي".
وأضاف متولي، لـ"إرم اقتصادية"،" أهمية هذه الخدمات أنها تسهم في تقديم السلع بأسعار منخفضة رغم الأوضاع الراهنة التي تشهدها مصر ، من أزمات التضخم الى ارتفاع الأسعار.
وأشار إلى أن "التعامل المباشر بين منبع السلعة والمستهلك، يسهم في تخفيض تكلفة النقل بنسبة تتجاوز الـ30%"، موضحًا أن "71.6% من ارتفاع تكاليف الخدمات الأساسية وذلك بسبب عوائق تدفق الاستثمارات بالمناطق اللوجستية".
وأشار إلى الدور الذي يلعبه هذا البُعد في انتشار السلع وزيادة المعروض من السلع واقترابها من المستهلك، ما يؤدي إلى ضرب فكرة الاحتكار الصغير ومنع تخزين السلع، مضيفًا أن "توفير السلع الأساسية يساعد على حل مشكلة الدين العام، لأنها تدفع باتجاه خلق فرص للاستثمارات، بالإضافة إلى تقليل الاعتماد على الواردات".