logo
اقتصاد

بعد تراجع التضخم.. إلى أين تتجه أسعار الفائدة في مصر؟

بعد تراجع التضخم.. إلى أين تتجه أسعار الفائدة في مصر؟
مقر البنك المركزي المصري في العاصمة الإدارية الجديدة، 6 أغسطس 2024. المصدر: رويترز
تاريخ النشر:11 مارس 2025, 12:03 م

توقع محللون وخبراء اقتصاديون خفضاً سريعاً لمعدلات الفائدة الرئيسة في مصر خلال الفترة المقبلة، عقب نزول أكبر من المتوقع لمعدلات التضخم في فبراير الماضي، وهو ما يشير إلى أن مصر في طريقها لإحداث تحول كبير في سياستها النقدية نحو مزيد من التيسير النقدي لدعم النشاط الاقتصادي.

ويترقب المصريون الاجتماع الثاني للجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي هذا العام، والمقرر انعقاده الخميس 17 أبريل 2025، بعد أن شهد الاجتماع الأول في 20 فبراير الماضي قراراً بتثبيت الفائدة للإيداع والإقراض عند 27.25% و28.25% للمرة السابعة على التوالي.

تراجع معدلات التضخم في مصر

تراجع معدل التضخم السنوي في المدن المصرية، خلال فبراير الماضي، للنصف تقريباً، مسجلاً 12.8%، وهو أدنى مستوى له منذ نحو 3 سنوات، وذلك مقابل 24% في يناير السابق له، بدعم سنة الأساس، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري الصادرة الاثنين الماضي.

هذا التراجع المتواصل للتضخم، والذي جاء بوتيرة أسرع من توقعات المحللين في فبراير، يأتي بعدما ارتفع التضخم لمستوى تاريخي عند 38% خلال سبتمبر 2023، متأثراً بقرار تحرير سعر الصرف في مارس من العام ذاته وتراجع قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار.

وعلى وقع ارتفاعات التضخم، اتبع المركزي المصري سياسة التشديد النقدي، برفع أسعار الفائدة، لكبح التضخم، ما نتج عنه ارتفاع في تكلفة المعيشة، إلى جانب رفع أسعار الوقود والخدمات.

خلال شهر أكتوبر الماضي، رفعت الحكومة للمرة الثالثة في 2024، سعر السولار 17% والبنزين بين 7.7% و13%، تنفيذاً لخطة متدرجة لرفع الدعم عن المحروقات تنتهي بنهاية العام الجاري.

أخبار ذات صلة

بدعم سنة الأساس.. التضخم في المدن المصرية ينخفض إلى 12.8% خلال فبراير

بدعم سنة الأساس.. التضخم في المدن المصرية ينخفض إلى 12.8% خلال فبراير

سيناريوهات سعر الفائدة

وبينما يتوقع خبراء ماليون واقتصاديون خفضاً تدريجياً بنسبة تتراوح بين 1 و3% في اجتماع البنك المركزي المقبل، يرجح آخرون أن يتم التخفيض بنسبة أكبر تتراوح بين 3 و6% على أن تعقبها تخفيضات أخرى تصل إلى 10% بنهاية العام الجاري، خاصة إذا استمرت معدلات التضخم في التراجع.

ويستهدف البنك المركزي المصري خفض التضخم إلى نطاق يتراوح بين 5% و9% بحلول نهاية عام 2026، مع تطلعات للوصول إلى مستوى بين 3% و7% بحلول عام 2028.

ويرى خبراء أن التراجع الأخير في التضخم يعطي متنفساً للبنك المركزي المصري، ويساعده على التفكير في خفض أسعار الفائدة، إذ يعطيه قدرة على المناورة مع الاقتراب من هدف معدل التضخم.

نجاح السياسات النقدية

وترى رئيسة قسم الأبحاث في بنك الاستثمار فاروس، رضوى السويفي، أن التراجع الكبير في التضخم يعد مؤشراً إيجابياً، إذ يعكس نجاح السياسات النقدية السابقة في كبح ارتفاع الأسعار، لكنه يضع البنك المركزي أمام تحدٍّ جديد يتمثل في تحديد التوقيت المناسب للانتقال إلى سياسة نقدية أقل تشدداً.

وتوضح السويفي، في حديثها مع «إرم بزنس»، أن السيطرة على التضخم كانت الهدف الأساسي خلال الفترة الماضية، ولكن مع انحسار الضغوط التضخمية، يصبح دعم النمو وتحفيز الاستثمار أولوية جديدة تفرض نفسها على صناع القرار.

وكان المستثمرون في مصر يشكون خلال الفترة الماضية من أن الارتفاع الكبير في معدلات الفائدة يعرقل خطط النمو والتوسع في المشروعات؛ بسبب تكلفة التمويل العالية.

بدء التيسير النقدي

وتشير السويفي إلى أن البنك المركزي قد يبدأ سياسة التيسير النقدي بتخفيض للفائدة كتوجه أولي بنسبة تتراوح بين 1 و3% خلال الشهر المقبل، مع مراقبة رد فعل الأسواق قبل اتخاذ تخفيضات أكبر.

وخلال السنوات الثلاث الماضية، رفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة 19%، كان من بينها 8% خلال الربع الأول من العام الماضي، و6% دفعة واحدة في مارس 2023، في خطوة استهدفت احتواء الضغوط التضخمية الناجمة عن تحرير سعر الصرف.

خفض الفائدة بنسبة كبيرة

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي محمد النجار، أن تراجع التضخم إلى هذا المستوى يفتح الباب أمام خفض الفائدة بنسبة كبيرة قد تصل إلى 6% دفعة واحدة على غرار العام الماضي، ثم تتبعها تخفيضات أخرى قد تصل إلى 10% بحلول نهاية 2025.

ويشير النجار خلال حديثه مع «إرم بزنس» إلى أنه في حال إقرار البنك المركزي خفض الفائدة في اجتماعه المقبل، أو في اجتماع استثنائي، فإن هذا الخفض من شأنه أن يزيد النمو الاقتصادي ويحفز الاستثمارات.

وكانت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، الدكتورة رانيا المشاط، توقعت في تصريحات سابقة، نمو الاقتصادي المصري بنسبة 4.5% في العام المالي المقبل، ارتفاعاً من 4% في العام المالي الحالي الذي ينتهي آخر يونيو المقبل.

أخبار ذات صلة

المركزي المصري يبقي على أسعار الفائدة دون تغيير للمرة السابعة

المركزي المصري يبقي على أسعار الفائدة دون تغيير للمرة السابعة

 
انتعاشة للاقتصاد والبورصة في مصر

وباعتقاد الخبير الاقتصادي، محمد النجار، فإن انعكاسات قرار الفائدة المرتقبة على الاقتصاد تبدو واضحة. فمن جهة، سيؤدي خفض الفائدة إلى تقليل تكلفة الاقتراض، الأمر الذي يشجع الشركات على التوسع في أنشطتها وضخ استثمارات جديدة.

ومن جهة أخرى، قد يشجع المستثمرين على التوجه نحو سوق الأسهم بدلاً من أدوات الدخل الثابت، ما يمنح البورصة المصرية دفعة قوية، وينعش رأس مالها السوقي.

ويحذر النجار من أي مفاجآت قد تعرقل هذا التوجه نحو خفض الفائدة، لا سيما في ظل تصاعد التوترات التجارية بعد قيام الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على عدد من الدول، ما قد يرفع مستويات التضخم العالمي مجدداً.

استمرار تراجع التضخم

وترجع رئيسة قطاع البحوث في شركة "إتش سي" للأوراق المالية والاستثمار، نعمة الله شكري، الانخفاض الكبير في معدل التضخم خلال فبراير الماضي، إلى تأثير سنة الأساس، إلى جانب جهود الحكومة في توفير السلع الأساسية بالمجمعات الاستهلاكية بأسعار مخفضة استعداداً لشهر رمضان.

وخلال حديثها مع «إرم بزنس» توقعت شكري استمرار تراجع معدلات التضخم خلال عام 2025، ما قد يمهد الطريق أمام البنك المركزي لخفض الفائدة خلال اجتماعه القادم لأول مرة بعد 4 سنوات من آخر تخفيض للفائدة.

وكانت آخر مرة خفّض فيها البنك المركزي المصري أسعار الفائدة في نوفمبر 2020، قبل أن يعاود رفعها مجدداً في مارس 2022، تزامناً مع تحرير سعر الصرف.

خفض طفيف للفائدة

وترجح شكري، خفضاً طفيفاً في سعر الفائدة بين 1% إلى 2% كبداية لمعرفة رد فعل الأسواق، وتحسباً لخروج الأموال الساخنة التي تستثمر نحو 38 مليار دولار في أذون الخزانة.

وتؤكد أن أي خفض كبير في الفائدة قد يؤثر في استقرار العملة المحلية وسعر الصرف إذا لم يقابله تدفقات نقدية دولارية كافية، ما يرجح الاتجاه إلى خفض مبدئي محدود في أسعار الفائدة.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC