تعتزم الحكومة المصرية إطلاق منصة إلكترونية جديدة لتلقي طلبات المستأجرين المتأثرين بقانون «الإيجار القديم»، في خطوة تهدف إلى معالجة الجدل المثار حول التعديلات التي أجريت على القانون.
بحسب ما أعلنه وزير الإسكان المصري، شريف الشربيني، فإن المنصة ستبدأ في تلقي الطلبات مطلع أكتوبر المقبل، لمدة ثلاثة أشهر فقط، على أن يشرف عليها كل من صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري.
كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد صدّق، في 25 يوليو الماضي، على القانون رقم 164 لسنة 2025 بشأن بعض الأحكام المتعلقة بقوانين إيجار الأماكن وإعادة تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، والذى وافق عليه مجلس النواب مؤخراً.
قبل إقراره رسمياً، أثار القانون جدلاً واسعاً في الشارع المصري بسبب آلية تنفيذ قرارات الإخلاء، وسط نقاش محتدم بين مؤيدين يرونه إنصافاً للملاك، ومعارضين يخشون أن يترك المستأجرين في مواجهة مصير مجهول، خاصةً كبار السن ومحدودي الدخل، لكن الحكومة تعهّدت بإتاحة بدائل مناسبة وحلول للمستأجرين.
رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب المصري، محمد الفيومي، قال لـ«إرم بزنس» إن «القانون عادل ومنصف، ويراعي جميع الحالات الاجتماعية، ومن المستحيل أن يُخرج المستأجر من سكنه؛ لأنه يؤمّن له مسكناً آخر يتناسب مع إمكاناته المادية، وبأسعار معقولة تضمنها الحكومة للجميع».
خاطب الفيومي المنتقدين قائلاً: «اقرؤوا القانون أولاً، وتمعنوا في بنوده، وستجدون أنكم متحاملون على الحقيقة، فالحكومة ستعطي كل ذي حق حقه، وفق ما هو منصوص عليه في القانون».
ومع قرب إطلاق المنصة، أوضح الفيومي أن «الأولوية ستكون لكبار السن، ثم لذوي الدخل المحدود، والحكومة ستتكفل بتوفير مسكن لهم»، رافضاً استخدام تعبير التعويض.
وعن الضمانات، أشار الفيومي إلى أن «تنفيذ القانون بحذافيره هو الضامن الأكبر»، موضحاً أن المنصة الإلكترونية الجديدة تمثل حلاً محورياً لضمان العدالة الاجتماعية والاقتصادية لنحو 1.5 مليون أسرة مصرية متأثرة بالقانون، إذ توفر آلية شفافة لحصر الطلبات وتخصيص وحدات سكنية بديلة خلال فترة انتقالية تمتد لسبع سنوات للوحدات السكنية، وخمس سنوات للوحدات التجارية.
عن آلية التنفيذ، أوضح الفيومي: «ستتيح المنصة للمستأجرين تسجيل بياناتهم، بما في ذلك الدخل الشهري، وعنوان العقار، وعدد أفراد الأسرة، والحالة الاجتماعية، عبر حساب إلكتروني يتيح متابعة الطلب واستكمال المستندات بصيغة PDF».
تابع: «تشمل الفئات المؤهلة، المستأجر الأصلي، والزوج الذي امتد إليه العقد، أو من امتد إليه العقد قانونياً، مع خيارات تخصيص تتضمن الإيجار المدعوم، أو الإيجار التمليكي، أو التمليك عبر التمويل العقاري. كما سيُقتطع 25% من معاش المستأجر مدى الحياة بعد اعتماد المسكن، على أن تغطي الحكومة الباقي».
أما عن قيمة الإيجار، فقال النائب المصري: «العقد شريعة المتعاقدين، سواء لسنة أم سنتين أم ثلاث أم حتى عشر سنوات، وأؤكد أن الجميع سيحصل على حقه، إذ لا يعقل أن تبقى نحو 500 ألف شقة مغلقة بإيجارات زهيدة، في حين أن بعض المستأجرين أو معظمهم ميسورو الحال، أين العدل في ذلك؟».
أضاف: «مهمتنا في مجلس النواب هي مراقبة عمل الحكومة في هذا الشأن».
بحسب وزير الإسكان المصري، وفرت الدولة منذ عام 2014 أكثر من 5 ملايين وحدة سكنية بالتعاون مع القطاع الخاص، وتخطط لتوفير المزيد من الوحدات السكنية لتلبية احتياجات المتأثرين.
في السياق، يقول الفيومي: «عندما تتوفر هذه العقارات، سيزداد المعروض في السوق العقاري، ما يؤثر على الأسعار، ويتيح للمستأجر العثور على المسكن المناسب بالسعر المناسب»، وأشار إلى أن القانون الجديد جاء لتصحيح مسار قوانين قديمة مضى على بعضها أكثر من 104 أعوام.
وفقاً لتصريحات حكومية، فإن المستأجر الذي يتقاضى 3000 جنيه شهرياً قد يدفع 450 جنيهاً فقط (أي 15% من القيمة السوقية) لإيجار وحدة بديلة، ما يعزز القدرة على تحمّل التكاليف، كما تتيح المنصة ثلاثة خيارات سكنية: إيجار رمزي، أو إيجار تمليكي، أو تمليك مدعوم، مع تصنيف الوحدات إلى فئات (متميزة، متوسطة، اقتصادية) لضمان العدالة في التوزيع.
تشير التقديرات إلى وجود نحو 500 ألف وحدة سكنية مغلقة بإيجارات زهيدة، ما قد يساهم في خفض الأسعار في بعض المناطق بنسبة تتراوح بين 10 و15% خلال السنوات السبع المقبلة، وفقاً لتحليلات سوق العقارات في مصر.
بحسب الفيومي، فإن المنصة تمثل الضمان الأكبر للمستأجرين من خلال توفير آلية شفافة ومنظمة، إلا أن نجاحها يعتمد على قدرة الحكومة على تسريع وتيرة بناء الوحدات وتخصيص الموارد المالية اللازمة لتجنب أزمة إسكان محتملة.
على الرغم من هذه الجهود، يبقى التحدي الأكبر هو ضمان توفير وحدات سكنية كافية في الأقاليم النائية، حيث يُتوقع أن يواجه ما بين 30 و40% من المستأجرين صعوبات في العثور على بدائل قريبة من مواقعهم الحالية، بسبب نقص الأراضي العمرانية، وفق المحامي بالنقض ورئيس اتحاد مستأجري مصر، شريف الجعار.
أضاف الجعار في تصريحاته لـ«إرم بزنس»، أن «مصر، جغرافياً، مقسمة إلى أقاليم، ولا تحتوي على أماكن عمرانية كافية لتوفير مساكن بديلة»، مؤكّداً أن المحافظين أشاروا إلى هذا النقص خلال مناقشات القانون سابقاً.
كان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ذكر أن المليون وحدة سكنية التي تم تنفيذها من قبل الدولة كسكن للشباب ومحدودي الدخل، كلفت البلاد أكثر من 400 مليار جنيه (8.26 مليار دولار)، بالإضافة إلى 300 ألف وحدة نُفذت كسكن بديل لسكان المناطق غير الآمنة.
وفق الخبير العقاري مراد منير، فإن تمويل الوحدات البديلة يتطلب تمويلاً من الموازنة العامة أو من الضرائب العقارية، كما اقترح إنشاء صندوق تمويل عقاري جديد لتغطية الفجوة بين أسعار الوحدات وقدرات المستأجرين.
وتمثل المنصّة الجديدة حجر زاوية في تنفيذ القانون، حيث ستعمل بالتعاون مع المؤسسات الحكومية في الدولة المصرية للتحقق من استحقاق المتقدّمين، مع إعطاء الأولوية لكبار السن والمستفيدين من برامج «تكافل وكرامة».