بدأ كبار المستثمرين في «وول ستريت» بدق ناقوس الخطر مجدداً بشأن تصاعد الدين الأميركي، لكن هذه المرة، يبدو أن التحذيرات تلقى آذاناً صاغية، في ظل معطيات مالية تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وتوترات تلوح في سوق السندات.
وفقاً لما أوردته صحيفة «وول ستريت جورنال»، فإن المدفوعات السنوية للفائدة على الدين الفيدرالي الأميركي تجاوزت حاجز التريليون دولار، لتتجاوز بذلك مخصّصات الدفاع، وميزانيات برامج مثل «ميديكيد» والتأمين ضد العجز، وحتى المساعدات الغذائية، وهو ما يضع مزيداً من الضغوط على صناع القرار في واشنطن.
من جانبه، حذّر جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك «جيه بي مورغان»، قائلاً: «ستشهدون شرخاً في سوق السندات»، مؤكداً أن مؤشرات الخطر تتزايد.
وانضم إلى هذا التحذير عدد من كبار المستثمرين، بمن فيهم الملياردير راي داليو، مؤسس صندوق التحوط «بريديج ووتر»، والذي قال في مقابلة مع «بلومبيرغ» إن أمام أميركا «ثلاث سنوات، تزيد أو تنقص قليلاً»، لتفادي ما وصفه بـ«النوبة القلبية الاقتصادية».
ورغم أن داليو يروّج حالياً لكتابه الجديد «كيف تنهار الدول»، إلا أن سمعته كواحد من أثرى المستثمرين في العالم تضفي مصداقية على تصريحاته.
من جهته، أبدى بيتر أورزاج، الرئيس التنفيذي للاستشارات المالية في «لازارد» ومدير الميزانية السابق في البيت الأبيض، مخاوف مماثلة، مشيراً إلى أن التحذيرات السابقة من العجز المالي الكبير بدت مبالغاً فيها، لكنها اليوم باتت أقرب من أي وقت مضى إلى الواقع.
المخاوف تعززها تشريعات جديدة في طريقها إلى مجلس الشيوخ، ضمن مشروع يُعرف بـ«قانون الفاتورة الجميلة الكبرى»، والذي من المتوقع أن يضيف ما بين 3 إلى 5 تريليونات دولار إلى الدين العام خلال العقد المقبل، وفقاً لتقديرات لجنة «الميزانية الفيدرالية المسؤولة»، وهي جهة غير حزبية.
وتضيف اللجنة أن بقاء عائدات سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند مستوياتها الحالية، أي نحو 4.4%، من شأنه أن يضيف نحو 1.8 تريليون دولار أخرى من تكاليف الفائدة خلال السنوات العشر المقبلة.
في المقابل، ورغم ارتفاع عائدات السندات لأجل 30 عاماً إلى أعلى مستوياتها منذ الأزمة المالية، لم تنهَر السوق بعد، وهو ما دفع مدير صندوق التحوط بول تودور جونز إلى تشبيه الوضع الاقتصادي الحالي بـفعالية «الكي فايب» في المصارعة الحرة، حيث يعرف الجميع أن الأرقام لا يمكن أن تستمر، لكنهم يفضلون تجاهل ذلك مؤقتاً.
أما وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، فأكد نهاية الأسبوع أن الولايات المتحدة «لن تتخلف عن سداد ديونها»، إلا أن بعض الاقتصاديين يحذّرون من أن التضخم السريع قد يؤدي عملياً إلى نفس النتيجة، في حال اضطُر «الاحتياطي الفيدرالي» للتدخل عبر ما يُعرف بـ«الهيمنة المالية».
كما يُحذر كينيث روغوف، كبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي، من أن أزمات الديون «نادراً ما تكون مسألة حسابات بسيطة»، مشيراً إلى أن معظم حالات التخلف عن السداد أو التضخم المفرط تحدث «قبل أن تفرض الأرقام نفسها بقوة».