logo
أسواق

السندات تدق جرس الإنذار.. هل تدفع كارثة الديون الأسواق للانهيار؟

سندات اليابان تواجه عزوفاً مفاجئاً من المستثمرين

طوكيو تدرس تعديل خطة إصدار سندات الخزانة

ديون وتصنيف واشنطن يؤججان المخاوف

السندات تدق جرس الإنذار.. هل تدفع كارثة الديون الأسواق للانهيار؟
متعاملة تتابع تصريحات رئيس الاحتياطي «الفيدرالي» جيروم باول في ندوة جاكسون هول، مدينة نيويورك الأميركية، يوم 22 أغسطس 2024.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:28 مايو 2025, 09:01 ص

حالة من القلق تسيطر على المتداولين في سوق السندات الدولية، التي تتلقى صدمات من العيار الثقيل يوماً تلو الآخر، تزامناً وتفاقم أزمة الديون العالمية التي باتت تثير مخاوف جمّة في الأسواق العالمية؛ ما دفع المستثمرين إلى العزوف عن شراء العديد من الإصدارات خصوصاً طويلة الأجل، مع تزايد الشكوك بشأن القدرة على السداد.

منذ ساعات لحقت سندات اليابان بالسندات الأميركية، التي تلقى تغطية ضعيفة وطلباً فاتراً مع ارتفاع كبير في العائد (تكلفة خدمة الدين) وكلها إشارات على حالة القلق وعدم اليقين التي تسيطر على المتداولين.

أزمة الديون

في أحدث تحذير من أزمة الديون العالمية، أطلق رئيس بنك التسويات الدولية أغوستين كارستنز الأسبوع الجاري أحدث صافرات الإنذار، بشأن أزمة الديون، تزامناً وارتفاع الديون الحكومية الهائل الذي تمت الموافقة عليه في الولايات المتحدة.

تفاقمت المخاوف بعد أن أصبحت سندات الخزانة الأميركية محط أنظار منذ أن جردت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني الحكومة من آخر تصنيف ائتماني لها بناءً على الاتجاهات المالية، بالتزامن وإقرار مجلس النواب الأميركي مشروع قانون الضرائب الذي سيزيد سقف الدين الفيدرالي بمقدار 5 تريليونات دولار.

ويتطلع مستثمرو السندات الأميركية الآن إلى مزادات سندات لأجل خمس وسبع سنوات في وقت لاحق من الأسبوع الجاري، فضلاً عن إصدار محاضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وبيانات النمو الاقتصادي والتضخم.

أخبار ذات صلة

قبل ساعات من «المحضر».. «الفيدرالي» يُحذر من «مخاطر باهظة»

قبل ساعات من «المحضر».. «الفيدرالي» يُحذر من «مخاطر باهظة»

فشل ياباني

يراقب المستثمرون عن كثب التطورات في أسواق السندات العالمية بعد أن سجل الطلب على مزاد سندات الحكومة اليابانية لأجل 40 عاماً ،اليوم الأربعاء، أدنى مستوى له منذ يوليو، وهو ما يسلط الضوء على تراجع قدرة السوق على استيعاب الديون الجديدة.

في غضون ذلك ارتفعت العائدات طويلة الأجل في جميع أنحاء العالم خلال الأسابيع الأخيرة بسبب عمليات بيع مكثفة للسندات مع تزايد المخاوف بشأن العجز المالي، وخصوصاً في الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة واليابان.

وأدت المخاوف بشأن تخفيضات الضرائب واحتمال أن تؤدي سياسة التعريفات الجمركية الفوضوية في الولايات المتحدة إلى تأجيج التضخم وتعزيز الإنفاق الحكومي إلى جعل المستثمرين متوترين بشكل متزايد بشأن الاحتفاظ بالديون السيادية طويلة الأجل.

عوائد السندات

كانت عوائد السندات الحكومية اليابانية لأجل 40 عاماً سجلت مستوى قياسياً مرتفعاً الأسبوع الماضي بعدما أدت المخاوف إزاء عبء الديون في اليابان وأسواق الدول المتقدمة الأخرى، مثل: الولايات المتحدة، إلى عمليات بيع للسندات الأطول أجلاً في جميع أنحاء العالم.

وارتفعت العوائد على السندات الحكومية اليابانية وكذلك عوائد سندات الخزانة الأميركية اليوم الأربعاء، إلا أن رد فعل السوق ظل فاتراً إلى حد ما، مع غياب اليقين بشان مصير التعريفات الجمركية.

كتب مايكل وان، كبير محللي العملات لدى مجموعة «ميتسوبيشي يو إف جي» المالية: «مزاد السندات اليابانية اليوم أضعف قليلاً من المتوقع؛ ما يظهر أن هناك الكثير من التركيز على مسار الديون والعجز عالمياً».

تفجير الأزمة

تأججت المخاوف من أزمة عميقة في سوق السندات بعد أن شهدت وزارة الخزانة الأميركية طلباً ضعيفاً على بيع سندات بقيمة 16 مليار دولار لأجل 20 عاماً؛ ما انعكس سلباً على الأصول عالية المخاطر على غرار أسهم «وول ستريت».

يأتي ذلك بالإضافة إلى الإقبال الضعيف على مزادٍ لسندات وزارة الخزانة الأميركية الأسبوع الماضي، والذي رفع عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 30 عاماً 5% وهو أعلى مستوى في أكثر من 15 عاماً.

كما جاءت المخاوف المالية في مقدمة اهتمامات المستثمرين بعد خفض وكالة «موديز» الشهر الجاري للتصنيف الائتماني للولايات المتحدة بسبب ارتفاع عبء الديون.

سندات واشنطن

في الوقت ذاته هناك قلق أيضاً من مستويات الدين الأميركي ومدى التأثير في عوائد السندات الأميركية من احتياجات التمويل الكبيرة لأكبر اقتصاد في العالم، التي تعود لأسباب، منها: مسعى خفض الضرائب.

وقال المعهد الدولي الشهر الجاري: «الارتفاع الكبير في المعروض من سندات الخزانة الأميركية قد يتسبب في ضغط يرفع العوائد ويزيد بشدة النفقات التي تتكبدها الحكومة بسبب الفائدة. في ضوء مثل هذا التصور، سترتفع مخاطر التضخم أيضاً».

إدارة ترامب ترى في الرسوم الجمركية وسيلة لسد الفجوة في الميزانية الناتجة عن الخفض الضريبي المتوقع، لكن الضبابية التي تحيط بالسياسة التجارية واضطراب تطبيقها أبطأ إنفاق الشركات، وأثّر في النمو الأميركي.

جاء في تقرير المعهد «يحتمل أيضاً أن تؤدي الرسوم الجمركية (التي تبلغ 10% عالمياً) في نهاية المطاف إلى خفض العوائد الحكومية إذا أدت إلى رد من الدول الأخرى».

أخبار ذات صلة

الأسواق تحبس أنفاسها.. هل تخذلها «إنفيديا» أو تتجاوز ضجيج ترامب؟

الأسواق تحبس أنفاسها.. هل تخذلها «إنفيديا» أو تتجاوز ضجيج ترامب؟

الأسواق الناشئة

وفقاً لبيانات معهد التمويل الدولي ارتفع إجمالي الديون في الأسواق الناشئة أكثر من 3.5 تريليون دولار في الربع الأول من العام إلى مستوى غير مسبوق تجاوز 106 تريليونات دولار.

وقال المعهد إن التخلف عن سداد الدين العام يمكن أن يزعزع استقرار النظام المالي العالمي ويهدد الاستقرار النقدي، إذ قد تضطر البنوك المركزية إلى تمويل الدين الحكومي؛ ما يؤدي إلى التركيز على ضبط المالية العامة أكثر من السياسة النقدية.

المعهد أضاف أيضاً، أن الصين استحوذت وحدَها على أكثر من تريليوني دولار من هذا الارتفاع، وبلغت نسبة الدين الحكومي الصيني إلى الناتج المحلي الإجمالي 93% ومن المتوقع أن تبلغ 100% قبل نهاية العام.

رقم قياسي

أظهر تقرير معهد التمويل الدولي، في وقت سابق من الشهر، أن الديون العالمية ازدادت بنحو 7.5 تريليون دولار في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، لتصل إلى مستوى مرتفع غير مسبوق تجاوز 324 تريليون دولار.

وتواجه الأسواق الناشئة رقماً قياسياً يبلغ 7 تريليونات دولار لعمليات استرداد السندات والقروض في الفترة المتبقية من 2025، وبلغ الرقم للاقتصادات المتقدمة نحو 19 تريليون دولار.

كما تنامت المخاوف من قنبلة السندات بعدما تجاوزت ديون واشنطن 36.2 تريليون دولار، جنباً إلى جنب ومحاولة ترامب تمرير قانون ضريبي قد يضيف 5 تريليونات إضافية من الديون.

كتب بنجامين شرودر، كبير استراتيجيي أسعار الفائدة في بنك «أي إن جي» الهولندي: «تشهد عوائد السندات طويلة الأجل بعض التحسن، لكننا نعتقد أن عوائد السندات الأميركية ستجد صعوبة بالغة في التخلص من آثار التراجع خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، إذ لا يزال المسار المالي مهماً».

تعديل الخطة

أشارت السلطات اليابانية إلى أنها تدرس تعديل خطة ديونها بعد موجة بيع مكثفة دفعت تكاليف الاقتراض طويل الأجل في البلاد إلى أعلى مستوياتها منذ عقود. 

يأتي ذلك بعد أن أثر القلق بشأن قدرة الحكومات على تغطية عجز الموازنة الهائل، في ديون الأسواق المتقدمة في الأيام الأخيرة؛ ما دفع عوائد السندات الأميركية طويلة الأجل إلى مستويات لم تشهدها منذ عام 2007.

مايكل براون، الخبير الاستراتيجي بمجموعة «بيبرستون» في لندن كتب عبر مذكرة: «انخفاض الإصدار المحتمل من السندات اليابانية يُعطي سندات الخزانة الأميركية دعماً كبيراً».

وأضاف براون: «بالنسبة للراغبين في شراء ديون طويلة الأجل، قد يُجبرهم انخفاض المعروض من سندات الحكومة اليابانية على التوجه إلى سندات الخزانة الأميركية، لكن أزمة الثقة في شراء السندات على وجه العموم لا تزال قائمة».

تحول الحكومات

في سابقة، أرسلت وزارة المالية اليابانية استبياناً إلى المشاركين في السوق مساء الاثنين، استطلعت فيه آراءَهم بشأن الإصدار والوضع الحالي لسوق السندات.

وحوّلت بعض الحكومات الأخرى إصداراتها نحو آجال أقصر، إذ ابتعدت المملكة المتحدة عن السندات طويلة الأجل نظراً لانخفاض طلب المستثمرين، وفقاً لجيسيكا بولاي، رئيسة مكتب إدارة الديون.

كما انخفض عائد سندات الخزانة البريطانية لأجل 30 عاماً بما يصل إلى تسع نقاط أساس أمس الثلاثاء، مع إغلاق الأسواق المحلية يوم الاثنين، في حين انخفضت أسعار الفائدة الألمانية المماثلة سبع نقاط أساس إلى أقل من 3%.

رغم احتمال أن تخفض الحكومة اليابانية عرض سنداتها والذي يُسهم جزئياً في تهدئة المخاوف بشأن الطلب، فإن هذا لا يُبدّد المخاوف الأوسع نطاقاً بشأن المالية العامة للحكومات عالمياً.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC