يبدأ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، زيارة إلى المنطقة تشمل دول السعودية والإمارات وقطر تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية، وجذب استثمارات جديدة، وتوسيع مجالات التبادل التجاري.
وبحسب خبراء اقتصاد دولي وخليجي تحدثت إليهم «إرم بزنس»، ستكون هناك 5 ملفات اقتصادية بارزة على طاولة الشراكة تتنوع بين الطاقة والذكاء الاصطناعي والتسليح والرسوم الجمركية، والاستثمارات العقارية، متوقعين حدوث صفقات بـ«مليارات الدولارات» في تلك الملفات في ضوء العلاقات القوية بين البلدان الخليجية الثلاثة والولايات المتحدة الأميركية.
وبحسب أحدث بيانات متوفرة على المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بلغ حجم التبادل التجاري لدول المجلس مع الولايات المتحدة 94.7 مليار دولار في عام 2022، بزيادة قدرها 34.1% على أساس سنوي.
عبد الله الخاطر، رئيس المركز الاستراتيجي للدراسات الذي يرأس أيضاً مجموعة اقتصادية قطرية، يرى في حديث لـ«إرم بزنس» أن ترامب يأتي إلى المنطقة، ويتطلع لاستثمارات ضخمة، ويرى في تلك المنطقة نقطة دعم لنمو الاقتصاد الأميركي لذلك جعلها في صدارة زياراته الخارجية لدعم الشراكة الاستراتيجية مع الدول الخليجية، مؤكداً أن تجاه ترامب للتهدئة في المنطقة يمهد لتوافقات اقتصادات كبيرة خلال الزيارة.
وتشمل أجندة ترامب خلال الزيارة، بحسب تقديرات الخاطر، مناقشات في استثمارات بالقطاع العقاري والذكاء الاصطناعي، بجانب مناقشة بشأن إيجاد تفاهمات بشأن أسعار النفط والوصول لتوازانات في هذا الصدد، غير مستبعد أن يكون ملف الرسوم الجمركية محل مراجعة خلال المحادثات، وإن كان يرى أن ترامب لن يتراجع عن عتبة 10% التي وضعها كحد أدنى مع إعلانه في أبريل الماضي.
وكذلك ستكون صفقات التسليح والحديث عن برنامج النووي السلمي محل حضور بأجندة ترامب مع توجه لدعم أميركي للعالم العربي بشكل عام والسعودية بشكل خاص، متوقعاً أن تشهد جولة الرئيس الأميركي «صفقات ضخمة بمئات المليارات من الدولار ولا سيما في الجانب الدفاعي والتسليح والتصنيع بجانب الاستثمارات التقنية والتكنولوجية».
وبحسب ما نقلته وكالة رويترز للأنباء قبل أيام عن ستة مصادر مطلعة، يعتزم ترامب عرض صفقة أسلحة على السعودية بقيمة تتجاوز 100 مليار دولار خلال الزيارة.
وقبل أسبوع، أقرت وزارة الخارجية الأميركية إمكانية بيع صواريخ جو-جو من طراز إيه.آي.إم-120سي-8 المتطورة متوسطة المدى للسعودية، بالإضافة إلى وسائل الدعم ذات الصلة مقابل 3.5 مليار دولار، بحسب ما أعلنته وزارة الدفاع «البنتاغون».
على مسافة قريبة، يتوقع الخبير في الاقتصاد الدولي واقتصاديات الطاقة، الأكاديمي نهاد إسماعيل، في حديث لـ«إرم بزنس» أن يسعى ترامب للحصول على «استثمارات تريليونية لدعم اقتصاد بلاده»، مرجحاً أن «تشمل أجندة ترامب في زيارته للسعودية وقطر والإمارات تأمين صفقات أسلحة وأنظمة دفاعية، والتشجيع على استثمارات ضخمة في الاقتصاد الأميركي وتعزيز الروابط الاقتصادية والتكنولوجية بخلاف حث الدول المنتجة للنفط على ضخ المزيد لكي تبقى أسعار البنزين منخفضة في الولايات المتحدة».
واتفقت مجموعة أوبك+ المصدرة للنفط، بقيادة السعودية، في أوائل مايو الجاري، على زيادة الإمدادات بمقدار 411 ألف برميل يومياً في يونيو المقبل، فيما خفض بنك «غولدمان ساكس»، توقعاته لمتوسط أسعار النفط الخام الأميركي إلى 56 دولاراً للبرميل هذا العام، بانخفاض ثلاثة دولارات عن توقعاته السابقة، وذلك بسبب الزيادة السريعة في إمدادات أوبك+ إلى السوق العالمية.
وبالنسبة للسعودية، يتوقع نهاد إسماعيل أن «تسعى السعودية لتوقيع اتفاق دفاعي وتجاري مع واشنطن، وستحصل الشركات الأميركية على عقود مغرية في مشاريع المملكة لتطوير الطاقة النووية السلمية كمصدر طاقة متجدد».
وكان وزير الطاقة الأميركي كريس رايت، ذكر خلال زيارة للسعودية، الشهر الماضي، أن بلاده والمملكة تسيران على طريق التوصل إلى اتفاق نووي مدني، وفي يناير الماضي أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال اتصال هاتفي مع ترامب عقب تنصيبه عن «رغبة المملكة في توسيع استثماراتها وعلاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة في أربع السنوات المقبلة بمبلغ 600 مليار دولار مرشحة للارتفاع حال أتيحت فرص إضافية».
ولدى صندوق السيادة السعودي استثمارات عديدة بالفعل في الولايات المتحدة، وتشمل هذه الاستثمارات شركة «أوبر»، وشركة ألعاب الفيديو «إلكترونيك آرتس»، وشركة السيارات الكهربائية «لوسيد».
ووفق نهاد إسماعيل، فإن «الإمارات لديها برامج طموحة تستدعي استثمارات مليارية في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بالتعاون مع شركات ومؤسسات أميركية».
ونقلت رويترز عن مسؤول في البيت الأبيض أواخر مارس الماضي أن الإمارات التزمت بإطار استثماري مدته 10 سنوات بقيمة 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة، بالتركيز على تقنيات الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات والتصنيع والطاقة والبنية التحتية، وذلك بعد لقاء مسؤولين إماراتيين كبار بالرئيس دونالد ترامب مارس الماضي.
وأوضح الخبير في الاقتصاد الدولي واقتصاديات الطاقة، الأكاديمي نهاد إسماعيل، أن «هذا يعطي الشركات الأميركية فرصاً كبيرة لجني المزيد من الاستثمارات الإماراتية وخاصة أن أبوظبي تتطلع لتلعب دورًا قياديًّا عالميًّا في مجال الذكاء الاصطناعي، وتحتاج إلى تأمين الحصول على التكنولوجيا والرقائق الإلكترونية الأميركية في هذا الصدد».
وبالنسبة لقطر، يرى أن «استثمارات قطر في الولايات المتحدة تشمل قطاعات الطاقة وخاصة الغاز الطبيعي المسال وأصول عقارية، وسيحاول ترامب جذب مزيد من المليارات للاستثمار العقاري».
وكشفت بلومبرغ، في الـ6 من مايو الجاري، أن «الخطوط الجوية القطرية» تتجه إلى شراء حوالي 100 طائرة عريضة البدن من شركة «بوينغ»، مع إمكانية طلب عدد أكبر، على أن يكون الإعلان عن الصفقة خلال زيارة ترامب، متوقعة أن تشهد الجولة «الإعلان عن العديد من الصفقات مع شركات في الشرق الأوسط، في قطاعات متنوعة تشمل؛ الدفاع والطيران والبنية التحتية والتكنولوجيا، قد تصل قيمة الاتفاقيات إلى 3 تريليونات دولار».
وتتوافق تلك التوقعات الاقتصادية مع ما ذهبت إليه كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري، مونيكا مالك في حديث لشبكة (CNBC)، متوقعة أن تشهد الزيارة الكثير من الإعلانات عن اتفاقات أو صفقات، مع احتمال إمكانية إلغاء رسوم ترامب الجمركية البالغة 10% على الألومنيوم والصلب، وهو ما سيكون إيجابياً لدول الخليج، والتي يُصدر بعضها هذه المعادن إلى الولايات المتحدة، على الرغم من أنها لا تُمثل إلا نسبة ضئيلة من الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية كشفت الأحد في مقطع فيديو نشرته عبر حسابها بالعربي في منصة إكس أن الزيارة ستركز على ملفات الأمن الإقليمي والدفاع والطاقة، والاستثمار.
وشهدت الآونة الأخيرة، تدفق استثمارات لشركات أميركية كبرى في الخليج حيث استثمرت مايكروسوفت 1.5 مليار دولار في شركة (G42) الإماراتية، كما عززت صناديق الثروة السيادية الخليجية شراكاتها مع شركات الاستثمار المباشر الأميركية، مثل أبولو، وأريس، و «غولدمان ساكس»، وبلاكستون، حيث خصصت «مبادلة» أكثر من 5 مليارات دولار لهذه الشراكات، مع التركيز على قطاع الائتمان الخاص.