خاص
خاصالدولار الأميركي

ارتفاع النقد الأجنبي يحفز الاقتصاد المصري.. وتحديات تلوح

رأى خبراء اقتصاد أن "الاقتصاد المصري يسير حالياً على المسار الصحيح، بالتزامن مع ارتفاع النقد الأجنبي، مشيرين في الوقت ذاته إلى تحديات محتملة خلال الفترة المقبلة.

وأكدوا أن توقعات بنك غولدمان ساكس الإيجابية لمستقبل الموازنة العامة، وتعديل مسار التصنيف الائتماني، رد فعل مُتوقع للخطوات الإصلاحية الحكومية والاستثمارات العملاقة، وتعديل التشريعات التي تمس الاقتصاد.

وتوقع بنك "جولدمان ساكس" مؤخراً تحولًا مذهلًا في مسار الموازنة العامة المصرية، إذ عدّل توقعاته من عجز بنحو 13 مليار دولار إلى فائض تمويلي ضخم، يتجاوز 26 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة.

وبحسب مذكرة بحثية صادرة عن البنك، يُتوقع أن يشهد صافي احتياطي النقد الأجنبي في مصر، قفزة هائلة ليصل إلى 50 مليار دولار بنهاية العام الحالي، ثم يواصل الارتفاع ليصل إلى 61 مليار دولار بحلول عام 2027، بالإضافة إلى توقعات بإرتفاع تحويلات المصريين العاملين في الخارج، إلى 30 مليار دولار بحلول 2027.

مكاسب من ارتفاع النقد الأجنبي

ويُبشر ارتفاع النقد الأجنبي في مصر بآفاق إيجابية على المدى القصير والمتوسط، تاركًا آثار إيجابية على مسار الاقتصاد، وفقاً لتصريحات عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريعي الدكتور فرج عبد الله.

وقال لـ"إرم الاقتصادية" إن ارتفاع الاحتياطيات الأجنبية يُسهم بتحسين ميزان المدفوعات، خاصةً الميزان التجاري، ما يُعزز استقرار أسعار العملات الأجنبية ويحد من التقلبات.

ويُسهم هذا الاستقرار في تهدئة معدلات التضخم خلال ثلاثة أشهر، ما يُخفف الضغوط على المواطنين، ويدعم قدرتهم الشرائية في ظل ارتفاع الأسعار بالأسواق المصرية.

وتطرق إلى تلقي مصر حزمة ضخمة من التمويلات والاستثمارات المباشرة، تناهز 58 مليار دولار، مؤكداً إمكانية زيادة هذه القيمة بـ20 مليار دولار، ما يُمثّل دفعة قوية للاقتصاد.

وتُعزز احتياطيات النقد الأجنبي ثقة المستثمرين للاقتصاد المصري، ما يُشير إلى قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية، ويُعزز توقعات تعديل مسار التصنيف الائتماني خلال الربع الأخير من العام الحالي، مع احتمالية إعادة مصر لتصنيف "جي بي مورغان" للسندات الحكومية بعد استبعادها في يناير الماضي، بحسب الدكتور فرج عبدالله.

تحديات اقتصادية

ورغم ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي، فإن تحديات عدة قد تواجه الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة، منها الخوف من استنزاف هذه الأموال لمواجهة عجز الميزان التجاري.

وللتغلب على ذلك، يتوقع اتخاذ الحكومة المصرية إجراءات تصحيحية جديدة، لزيادة الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات، وتعديل التشريعات التي تمس هيكل الاقتصاد، وفق الدكتور فرج عبد الله.

ومن بين التحديات الأخرى، بحسب أستاذ الاقتصاد، زيادة الاعتماد على أسهم وسندات "كبيتال آن فلو"، التي يترتب عليها زيادة عرض النقود، ما قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم 2.5%.

وفي السنوات الأخيرة، واجهت مصر صدمات اقتصادية ناجمة عن النزوح المفاجئ للأموال الساخنة، وهي شهادات استثمار قصيرة الأجل وعالية الفائدة، وخرج من البلاد ما يقدر بنحو 20 مليار دولار من الأموال الساخنة، عندما اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية في عام 2022.

إصلاحات تشريعية ضرورية

وتوقع خبراء اقتصاديون ارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر العام الحالي، إلى 50 مليار دولار، مدعومًا بحزمة من الإصلاحات الاقتصادية وتحفيزات الاستثمار التي طرحتها الحكومة.

وفي تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، قال خبير الاقتصاد والاستثمار الدكتور إبراهيم الحدودي، إن مصر نجحت في جذب استثمارات ضخمة خلال الفترة الماضية، مدعومة بالمشروعات القومية العملاقة والبيئة الاستثمارية الجاذبة التي وفرتها الحكومة.

وأوضح أن هذه الاستثمارات ستؤدي دوراً مهماً بتعزيز قدرة الجنيه المصري، على مواجهة الدولار الأميركي، فمن المتوقع أن يصل سعر صرف الدولار إلى 42 جنيهًا في الربع الثاني من العام الحالي.

وعانت مصر خلال الأشهر الماضية، أزمة العملة الصعبة، ما أدى إلى تقلبات حادة في أسعار الصرف بين السوقينِ الرسمية والموازية.

ويُعدُّ ارتفاع النقد الأجنبي خطوة ضرورية لرفع أعباء الديون عن كاهل الاقتصاد المصري، التي يترتب عليها المباشرةً بخفض الطلب على العملة الأجنبية، بالإضافة إلى الإفراج عن البضائع وتوفير مستلزمات الإنتاج، التي تُعزز استقرار سعر الجنيه أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، وفقًا لتصريحات الحدودي.

ولاستدامة تدفق العملة الصعبة من الخارج، رأى خبير الاقتصاد أن "الحل يتمثّل في ضرورة إجراء الحكومة المصرية، تعديلات تشريعية سريعة لقوانين الاستثمار والجمارك خلال الفترة المقبلة، لجذب المزيد من المستثمرين إلى السوق، وذلك من خلال تسهيل الإجراءات عبر المنصات الإلكترونية، وتوفير بيئة استثمارية أكثر جاذبية".

ضربة للسوق السوداء

من جانبه، رأى الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد شوقي، أن ارتفاع الاحتياطي من العملات الأجنبية يُمثّل ضربة قاضية للسوق السوداء، داعيًا الحكومة إلى توجيه هذه العملات الأجنبية للبنوك، لتلبية احتياجات المستثمرين وتعزيز الثقة المالية في القطاع المصرفي، خاصةً مع تزايد التدفقات من السيولة الأجنبية.

يتوقع تراجع معدلات التضخم في الأسواق المصرية، بالإضافة إلى خفض أسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل للبنك المركزي، وتخليه عن السياسية النقدية المتشددة، التي تُسهم بشكل كبير في إعادة الاقتصاد إلى مساره الطبيعي.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com