يطالب مستثمرو السندات بمزيد من التعويضات مقابل الاحتفاظ بالديون الأميركية طويلة الأجل مع تنامي القلق في الأسواق العالمية بشأن العجز المالي المتزايد في أكبر اقتصاد في العالم.
وارتفعت علاوة السندات الأميركية لأجل عشر سنوات ــ أو العائد الإضافي الذي يطلبه المستثمرون لامتلاك ديون أطول أجلاً بدلاً من سلسلة من الديون الأقصر أجلاً ــ إلى ما يقرب من 1%، وهو المستوى الذي شوهد آخر مرة في عام 2014، ويمثل هذا مقياساً لمدى قلق المستثمرين بشأن خطط زيادة حجم الاقتراض في المستقبل، وفق وكالة «بلومبرغ».
ارتفعت تكاليف الاقتراض طويل الأجل في الولايات المتحدة هذا الأسبوع، حيث ارتفع عائد سندات الثلاثين عاماً إلى 5.15%، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى له منذ ما يقرب من 20 عاماً، وأغلق سعر الفائدة الحقيقي للأجل نفسه - المعدل وفقاً للتضخم - عند أعلى مستوى له منذ عام 2008 يوم الأربعاء.
فيما تراجعت تحركات الأسهم، يوم الجمعة، مع استقطاب عمليات البيع المكثفة للمشترين، حيث صرّح مايكل هارتنت، من «بنك أوف أميركا»، بأنه ينبغي على المستثمرين اغتنام الفرصة لزيادة استثماراتهم في سندات الخزانة الأميركية طويلة الأجل، إذ من المرجح أن تستجيب الحكومة الأميركية لتحذيرات مراقبي السندات للسيطرة على ديونها.
بلغ عائد سندات الخزانة لأجل 30 عاماً أعلى بقليل من 5% اعتباراً من الساعة الحادية عشرة صباحاً في لندن، مرتفعاً للأسبوع الرابع.
برزت تحديات التمويل التي تواجهها الولايات المتحدة بعد أن جرّدتها وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني من آخر تصنيف ائتماني لها قبل أسبوع.
أعقب هذا التخفيض إقرار مجلس النواب الأميركي مشروع قانون بتريليونات الدولارات يمدد التخفيضات الضريبية التي أقرها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وضعف الطلب على مزاد سندات الخزانة لأجل 20 عاماً.
قالت إيلا هوكسها، رئيسة قسم الدخل الثابت في شركة نيوتن لإدارة الاستثمارات: «يكمن الخطر حالياً في أن هذه الظاهرة المالية تتغذى على نفسها، ينبغي أن يكون هذا مصدر قلق إلى حد ما، لا سيما بالنسبة للأصول الخطرة، وكذلك بالنسبة لصانعي السياسات، إذ يتعين عليهم التمويل بأسعار فائدة أعلى بكثير»، وفق «بلومبرغ».
كما ارتفعت عوائد السندات طويلة الأجل في أماكن أخرى هذا الأسبوع، حيث ارتفعت عوائد السندات طويلة الأجل في اليابان إلى أعلى مستوياتها منذ بدء تسجيلها في أواخر التسعينيات، كما واجهت الديون المماثلة في المملكة المتحدة وألمانيا وأستراليا ضغوط بيع.
يعد ذلك بمنزلة تذكير من الأسواق بأن الحكومات لا تستطيع الاستمرار في الاقتراض بالوتيرة التي كانت عليها عندما كانت أسعار الفائدة قريبة من الصفر، خاصة أن التوترات التجارية والتضخم الثابت قلصا من احتمالية أن يخفف صناع السياسات السياسة النقدية بشكل كبير.
يقول مايكل براون، الخبير الاستراتيجي في «بيبرستون»: «يشير هذا إلى استمرار التوتر بشأن الوضع المالي في الولايات المتحدة، وعلى المستوى العالمي أيضاً، حيث لا تزال مخاوف العجز تؤثر على أذهان المشاركين في السوق في كل مكان»، ويضيف: «هذا مبرر، بصراحة، نظراً لضعف رغبة الحكومات في السيطرة على الوضع، إن وُجد».
بدأ المستثمرون حول العالم يبتعدون عن الأصول الأميركية منذ أن أعلن ترامب عن رسوم جمركية مرتفعة على شركائه التجاريين، ورغم تقليص بعض هذه الرسوم منذ ذلك الحين، يقول مديرو الصناديق إن هناك غموضاً كبيراً في السياسات.
أشار مديرو الأموال، من «دوبل لاين»، إلى خطر استمرار ارتفاع العائدات طويلة الأجل، حتى إن البنوك المركزية أعربت عن قلقها. ويوم الجمعة، صرّح محافظ البنك المركزي الفلبيني بأن السلطة قد تدرس خفض حيازاتها من الديون الأميركية عقب تخفيض وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني.