logo
اقتصاد

العلامات الفاخرة تبحث عن «خطة بديلة» مع تراجع الصين والولايات المتحدة

العلامات الفاخرة تبحث عن «خطة بديلة» مع تراجع الصين والولايات المتحدة
ساعات رولكس الفاخرة المستعملة في متجر في سان فرانسيسكو، 4 أغسطس 2023المصدر: غيتي إيمجز
تاريخ النشر:21 مايو 2025, 03:20 م

تواجه شركات المنتجات الفاخرة تحدياً متزايداً مع تراجع الطلب في السوقين الرئيسين: الصين والولايات المتحدة، ما يفرض عليها البحث عن أسواق جديدة تدعم النمو بعد عقدين من الازدهار شبه المتواصل.

فبينما يبلغ عدد سكان كل من الصين والهند 1.4 مليار نسمة، تمتلك «لوي فويتون» أكثر من 60 متجراً في الصين القارية، مقابل ثلاثة فقط في الهند، ويعكس ذلك مدى صعوبة إيجاد أسواق بديلة واعدة، وهو تحدٍ يزداد إلحاحاً في ظل ضعف إنفاق المستهلكين في أقوى اقتصادين داعمين للقطاع الفاخر.

أخبار ذات صلة

«هيرميس» الفرنسية تصبح أكبر شركات السلع الفاخرة من حيث القيمة السوقية

«هيرميس» الفرنسية تصبح أكبر شركات السلع الفاخرة من حيث القيمة السوقية

تمثل الصين والولايات المتحدة مجتمعتين نحو نصف مبيعات قطاع السلع الفاخرة عالمياً، لكن منذ أربع سنوات، تراجعت شهية المستهلكين الصينيين للإنفاق، خاصة بعد تدهور سوق العقارات الذي أدى إلى انخفاض ثروة الأسر الصينية بنسبة 30%، وفق تقديرات «باركليز برايفت بنك»، أما في الولايات المتحدة، فقد بلغت المبيعات ذروتها مطلع عام 2022 ثم بدأت في التراجع، فيما قوضت الحرب التجارية والتعريفات الجمركية الانتعاش الجزئي الذي سُجّل نهاية العام الماضي.

شركة «إل في إم إتش»، أكبر مجموعة للسلع الفاخرة من حيث الإيرادات، أعلنت تراجع مبيعاتها في الولايات المتحدة بنسبة 3% في الربع الأول من العام الجاري، فيما سجلت مبيعاتها في آسيا انخفاضاً بأكثر من 10%، وتتوقع «باين آند كومباني» انخفاضاً عالمياً في مبيعات القطاع بنسبة 2% خلال عام 2025، ما يجعل منه عاماً ضائعاً بالنسبة للصناعة.

وبعد أن اعتاد المستثمرون على نمو سنوي ثابت بحدود 6% لعقود، باتت الشركات تسعى جاهدة للعثور على «المحرك التالي» للنمو، غير أن تقليص الاعتماد على المستهلكين الصينيين والأميركيين ليس سهلاً، نظراً للخصوصيات التي تتطلبها الأسواق التي تزدهر فيها المنتجات الفاخرة.

أخبار ذات صلة

«فيراري».. قصة شركة هيمنت على سوق السيارات الفاخرة رغم قلة الإنتاج؟

«فيراري».. قصة شركة هيمنت على سوق السيارات الفاخرة رغم قلة الإنتاج؟

نمو اقتصادي سريع

يوضح محلل السلع الفاخرة في «بيرنشتاين»، لوكا سولكا، أن الأسواق المثالية تحتاج إلى نمو اقتصادي سريع، وتوسع في الطبقة الثرية، وارتفاع في التطلعات الاجتماعية، لكنه يحذر في الوقت نفسه من أن التفاوت الحاد في الثروات قد يحدّ من انتشار المنتجات الفاخرة، في حين أن توسع الطبقة الوسطى يبقى أساسياً، إذ تشير التقديرات إلى أن أكثر من 50% من المبيعات الفاخرة تأتي من مئات الملايين من المستهلكين الذين ينفقون أقل من 2000 يورو سنوياً على هذه المنتجات.

كانت الصين نموذجاً مثالياً خلال الفترة الممتدة من 2009 إلى 2019، حيث سجل اقتصادها نمواً سنوياً بمتوسط 8%، تزامناً مع نمو سريع في الطبقتين الثرية والمتوسطة، وتوسع عمراني مكثف أتاح للعلامات التجارية بناء شبكات توزيع فعالة. واليوم، يمثل الزبائن الصينيون نحو ربع مبيعات القطاع الفاخر، بعد أن كانوا لا يتجاوزون 1% في عام 2000.

على النقيض، ما زالت الهند – رغم نموها الاقتصادي القوي – تمثل سوقاً مخيبة للتوقعات بالنسبة للمنتجات الفاخرة، ويرجع ذلك إلى محدودية التحضر (ثلث السكان فقط يعيشون في المدن)، وانتشار علامات تجارية محلية قوية، والبنية التحتية المحدودة للبيع بالتجزئة، إضافة إلى رسوم جمركية مرتفعة تزيد أسعار السلع المستوردة بنسبة تصل إلى 50%، وتشير التقديرات إلى أن مبيعات السلع الفاخرة في الهند تبلغ مليار دولار فقط، مقارنة بـ45 مليار دولار في الصين القارية.

ويلاحظ أن العلامات الفاخرة ما زالت تبيع في الهند من خلال صالات فنادق خمس نجوم، بينما لا توجد مناطق تسوق راقية مماثلة لشارع «بوند ستريت» في لندن أو «فيفث أفينيو» في نيويورك، ويقدّر الأكاديمي أشوك سوم أن الهند لا تضم سوى ثمانية مراكز تسوق فاخرة فقط.

وتسعى بعض العلامات التجارية أيضاً إلى الاستفادة من السوق الأوروبية، لكن التباطؤ الاقتصادي المزمن في المنطقة والركود في دخول الأفراد يحدان من الإنفاق على الكماليات، فكما يقول سولكا: «المستهلكون لا يشترون المنتجات الفاخرة إلا إذا اعتقدوا أن مستقبلهم المالي سيكون أفضل».

السعودية

السعودية تُعدّ من الأسواق الجديدة التي تحظى باهتمام العلامات الفاخرة، إذ يجري تطوير نصف مليون متر مربع من المساحات التجارية الراقية خلال العقد المقبل، في محاولة لجذب المتسوقين المحليين والأجانب، وتقليل الاعتماد على السفر إلى لندن أو باريس للتسوق الفاخر. ومع ذلك، يتوقع «بوسطن كونسلتينغ غروب» أن يبقى حجم السوق السعودي مشابهاً تقريباً لحجم السوق الألمانية.

في ظل غياب بدائل حقيقية للصين والولايات المتحدة، قد تلجأ العلامات الفاخرة إلى استعادة عملاء الطبقة المتوسطة في السوقين الرئيسين، ووفق تقرير لـ«باين»، فقد القطاع 50 مليون عميل منذ عام 2022، ويرجع ذلك جزئياً إلى ارتفاع الأسعار الذي أبعد كثيرين عن متناول السلع الفاخرة، فعلى سبيل المثال، ارتفع سعر أرخص حذاء نسائي من «غوتشي» من 550 دولاراً في عام 2020 إلى 790 دولاراً اليوم.

وبذلك، يبدو أن الحل لأزمة النمو في القطاع الفاخر لا يكمن في البحث عن أسواق ناشئة جديدة، بل في إعادة تنشيط الإنفاق الاستهلاكي داخل الطبقة المتوسطة في الصين والولايات المتحدة.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC