أوروبا تلتزم باستثمار 600 مليار دولار في أميركا
الاتحاد كان يطمح في الحصول على إعفاء كامل من الرسوم الجمركية
على مدار أسابيع من التفاوض مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كانت أوروبا تراهن قبل الوصول إلى لحظة التوقيع على اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، يوم أمس الأحد، على أنها قادرة على الحصول على الإعفاء الكامل من التعريفات الجمركية الأميركية، كونها الشريك الأقرب والأكبر لواشنطن.
إلا أن الإعلان النهائي الذي جاء بعد أن أجرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين محادثات مع الرئيس الأميركي في منتجع الغولف الخاص به في غرب اسكتلندا، سعيا لإتمام صفقة تسنى التوصل إليها بشق الأنفس، بالكاد حصل فيه التكتل على إعفاء من نصف التعريفات فقط.
قال رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو، اليوم الاثنين إن الاتفاق التجاري الإطاري الذي تم إبرامه مطلع الأسبوع بين رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس الأميركي دونالد ترامب يمثل يوما كئيبا لأوروبا.
كتب بايرو على منصة «إكس»: «إنه يوم كئيب عندما يترك تحالف من الشعوب الحرة، التي تجمعت معا لتأكيد قيمها المشتركة والدفاع عن مصالحها المشتركة، نفسه للاستسلام».
قال وزير الدولة الفرنسي المكلف بشؤون أوروبا بنجامين حداد اليوم الاثنين إن الاتفاق التجاري الإطاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي له بعض المزايا مثل الإعفاءات المتاحة لبعض قطاعات الأعمال الفرنسية الرئيسية مثل المشروبات الروحية، لكنه اعتبره غير متوازن.
كتب حداد على منصة «إكس»: «اتفاقية التجارة التي تفاوضت عليها المفوضية الأوروبية مع الولايات المتحدة ستحقق استقرارا مؤقتا للأطراف الاقتصادية المهددة من تصاعد الرسوم الجمركية الأميركية، لكنها غير متوازنة».
قال حداد: «الولايات المتحدة اختارت الإكراه الاقتصادي والإلغاء الكامل لقواعد منظمة التجارة العالمية، يجب علينا أن نخفف العواقب أو نخاطر بمحوها، إنه تحدٍّ اقتصادي وسياسي».
في الوقت ذاته قال بيرند لانغ، عضو الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني ورئيس لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي، إنه ينتقد بشدة الرسوم الجمركية، لأنها غير متوازنة وأن الاستثمارات الأوروبية الموعودة في الولايات المتحدة البالغة 600 مليار دولار ستأتي على الأرجح على حساب الصناعة في الاتحاد الأوروبي.
كتب بيرند لانغ على منصة «إكس»: «تقييمي الأول: غير مُرضٍ، هذه اتفاقية غير متوازنة، من الواضح أن تنازلات قُدّمت يصعب قبولها، الصفقة تعاني من اختلال كبير. علاوة على ذلك، لا تزال هناك أسئلة كثيرة مطروحة.
◄ ستخضع جميع صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة تقريبا لرسوم جمركية أساسية 15%.
◄ الاتفاق سارٍ على السيارات التي تُفرض عليها الآن رسوم 27.5 % بالإضافة إلى أشباه الموصلات والأدوية.
◄ الرسوم البالغة 15 % هي الحد الأقصى ولن تُضاف إلى أي رسوم قائمة.
◄ ستعلن الولايات المتحدة نتائج تحقيقاتها التجارية (البند 232) خلال أسبوعين وستتخذ قرارا منفصلا بشأن الرسوم الجمركية على الرقائق الإلكترونية والأدوية.
◄ لن تفرض الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أي رسوم جمركية على جميع الطائرات ومكوناتها وبعض المواد الكيماوية وبعض الأدوية المقلدة التي لا تحمل اسما تجاريا ومعدات أشباه الموصلات وبعض المنتجات الزراعية والموارد الطبيعية والمواد الخام الأساسية.
◄ ستُضاف منتجات أخرى لاحقا، وبالنسبة للمشروبات الروحية، فلم يُحدد وضعها بعد.
◄ ستبقى الرسوم الجمركية على صادرات أوروبا من الصلب والألمنيوم عند 50%.
◄ تعهّد الاتحاد الأوروبي بشراء الغاز الطبيعي المسال الأميركي مقابل 250 مليار دولار سنويا لثلاث سنوات، بقيمة إجمالية 750 مليارا ليحل محل الغاز الروسي.
◄ سيشتري الاتحاد الأوروبي وقودا نوويا من الولايات المتحدة.
◄ تعهد الاتحاد الأوروبي بموجب الاتفاق بشراء عتاد عسكري أميركي، فضلا عن استثمار الشركات الأوروبية 600 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال فترة ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثانية.
قال الرئيس الأميركي ترامب للصحفيين بعد اجتماعٍ استمر ساعة مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين «أعتقد بأن هذه أكبر صفقة تبرم على الإطلاق».
قالت فون دير لاين إن الرسوم الجمركية البالغة 15 % تطبق على جميع القطاعات، وأضافت «لدينا اتفاق تجاري بين أكبر اقتصادين في العالم، وهو اتفاق بالغ الأهمية، إنه اتفاق ضخم، سيحقق الاستقرار».
مع ذلك، ينظر الكثيرون في أوروبا إلى الرسوم الجمركية الأساسية البالغة 15 % على أنها نتيجة ضعيفة مقارنة بالطموح الأوروبي الأولي بالتوصل لاتفاق لإلغاء الرسوم، رغم من أنها أفضل من 30% التي هدد بها ترامب.
يمثل العجز التجاري الأميركي في السلع مع الاتحاد الأوروبي مصدر قلقه الرئيسي، إذ تشير بيانات مكتب الإحصاء الأميركي إلى أنه سجل 235 مليار دولار في 2024، ويشير الاتحاد الأوروبي إلى فائض في الخدمات لصالح الولايات المتحدة، والذي يقول إنه يحقق التوازن جزئيا.
مطلع الأسبوع الماضي لفت وزير الخزانة الأميركي بيسنت إلى أن إدارة ترامب تمارس سياسة الضغط بزيادة الرسوم ، :«أعتقد أن رفع مستوى الرسوم سيزيد الضغط على تلك الدول للتوصل إلى اتفاقيات أفضل».
في الوقت ذاته أعلنت المفوضية الأوروبية أنهم يستكشفون مجموعة أوسع من التدابير المضادة المحتملة ضد الولايات المتحدة، في ضوء تضاؤل احتمالات التوصل إلى اتفاق تجاري مقبول مع واشنطن.
كما قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين: «مستعدون لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية مصالحنا، عدد متزايد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ألمانيا، تدرس الآن استخدام تدابير مكافحة الإكراه التي من شأنها أن تسمح للكتلة باستهداف الخدمات الأميركية أو تقييد الوصول إلى العطاءات العامة في غياب اتفاق».
في غضون ذلك قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس في مؤتمر صحفي: «المفاوضات حول مستوى الرسوم الجمركية مكثفة للغاية حاليا، من الواضح أن الأميركيين غير مستعدين للموافقة على اتفاقية رسوم جمركية متكافئة».
أضاف المستشار الألماني: «أي اتفاق سيكون غير مُتكافئ لصالح الولايات المتحدة، فإن الاتحاد الأوروبي سيُقيم الاختلال العام في أي اتفاق قبل أن يقرر ما إذا كان سيتخذ أي تدابير لإعادة التوازن».