انكماش إنتاج المصانع اليابانية خلال أبريل بنسبة 0.9%
سعر الفائدة بين تحفيز النمو بالخفض وكبح التضخم بالرفع
عمقت البيانات الصادرة صباح اليوم الجمعة، من المعضلة والأزمة التي يعيشها صناع السياسة النقدية في اليابان، التي يتراجع اقتصادها بوتيرة هي الأسرع في عقدين، وسط توقعات قاتمة باستمرار تباطؤ النمو.
بالتزامن مع ذلك، تقف أرقام التضخم المرتفع في الجهة المقابلة من الشاطئ، ما يقود البنك المركزي بقيادة محافظه كازو أويدا إلى الموازنة بين تحفيز النمو وكبح التضخم.
ارتفع التضخم الأساسي في العاصمة اليابانية، طوكيو، وفقا لبيانات رسمية صدرت صباح اليوم الجمعة، ليصل إلى أعلى مستوى له في عامين، مما يبقي البنك المركزي تحت ضغوط لرفع أسعار الفائدة بشكل أكبر، في اجتماع أكتوبر المقبل.
إلا أن بيانات إنتاج المصانع التي صدرت اليوم، أيضاً أظهرت تراجعاً في أبريل، في إشارة إلى أن المصنِّعين يشعرون بالضائقة الناجمة عن تباطؤ الطلب العالمي، مما يسلط الضوء على المعضلة التي يواجهها بنك اليابان في موازنة الضغوط التضخمية والضربة التي يتعرض لها الاقتصاد بسبب التعريفات الجمركية الأميركية الحادة.
وفقا للبيانات ارتفع مؤشر أسعار المستهلك الأساسي في طوكيو، الذي يستثني أسعار الأغذية الطازجة المتقلبة، بنسبة 3.6% في مايو مقارنةً بالعام السابق.
جاءت بيانات اليوم أعلى من توقعات السوق التي كانت تشير إلى ارتفاع بنسبة 3.5%، مقابل 3.4% في أبريل، ويُعدّ هذا أسرع معدل نمو سنوي منذ يناير 2023، عندما بلغ 4.3%.
بالتالي فإن التضخم الأساسي في طوكيو، والذي يُنظر إليه كمؤشر رئيسي لاتجاهات الأسعار على مستوى البلاد، تجاوز هدف بنك اليابان البالغ 2% لمدة ثلاث سنوات متتالية.
في الوقت ذاته ارتفع مؤشر منفصل يستبعد آثار تكاليف الأغذية الطازجة والوقود، والذي يراقبه بنك اليابان عن كثب كمؤشر لاتجاه الأسعار على نطاق أوسع، بنسبة 3.3% في مايو مقارنة بالعام السابق بعد ارتفاع بنسبة 3.1% في مارس.
كتب مارسيل ثيليانت، رئيس قسم آسيا والمحيط الهادئ في كابيتال إيكونوميكس في مذكرة صدرت صباحاً: "أظهر مؤشر أسعار المستهلك في طوكيو تسارعًا واسع النطاق في التضخم، مما يشير إلى أن بنك اليابان قد يرفع أسعار الفائدة حتى قبل توقعاتنا الحالية في أكتوبر».
وتتجه معظم التوقعات في السوق أن يبقي بنك اليابان المركزي أسعار الفائدة مستقرة حتى سبتمبر المقبل مع توقع أغلبية صغيرة رفعها بحلول نهاية العام.
ظل التضخم في أسعار المواد الغذائية اللزجة المحرك الرئيسي للارتفاع، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية غير الطازجة بنسبة 6.9% في مايو مقارنة بالعام السابق، وارتفعت تكلفة الأرز بنسبة 93.2%.
لكن التضخم في قطاع الخدمات تسارع أيضا إلى 2.2% في مايو من 2% في أبريل، مما يشير إلى أن الشركات كانت تتجاوز تدريجيا تكاليف العمالة المتزايدة.
إلا أن الضرر الذي لحق بالصادرات جراء الرسوم الجمركية الأميركية وتباطؤ الطلب العالمي قد يؤثر سلبًا على أرباح الشركات المصنعة اليابانية ويثنيها عن رفع الأجور العام المقبل.
كتب ماساتو كويكي، كبير الاقتصاديين في معهد سومبو بلس في مذكرة: «ارتفاع أسعار الخدمات أمر إيجابي بالنسبة لبنك اليابان، الذي يريد إبقاء توقعات رفع أسعار الفائدة مرة أخرى حية».
لكن حالة عدم اليقين بشأن السياسة الأميركية ستجعل من الصعب منع بنك اليابان من رفع أسعار الفائدة مبكرًا، وبحلول الوقت الذي تستقر فيه الأمور، قد تتغير تطورات الأسعار بطريقة تجعل رفع أسعار الفائدة أمرًا صعبًا، وفقا لكويكي.
تتوقع الأسواق تباطؤ تضخم أسعار المستهلكين في الأشهر المقبلة مع انخفاض أسعار النفط الخام وانخفاض تكاليف الاستيراد نتيجة انتعاش الين.
أظهرت بيانات منفصلة صدرت اليوم الجمعة، انكماش إنتاج المصانع اليابانية في أبريل بنسبة 0.9% مقارنةً بالشهر السابق.
بينما توقع المصنعون الذين شملهم استطلاع حكومي ارتفاع الإنتاج بنسبة 9.0% في مايو وانخفاضه بنسبة 3.4% في يونيو، وفقًا للبيانات.
تواجه اليابان وضعا صعبا حيث يؤدي الاهتمام العام بارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى ارتفاع توقعات التضخم، ما يجعل خطة البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة مهب الريح، إلا أن البنك يقع في المعضلة التاريخية ما بين كبح التضخم وتحفيز النمو.
قال محافظ بنك اليابان كازو أويدا للبرلمان اليوم الجمعة، إن البنك المركزي يدرك أن الشركات استمرت في رفع الأجور والأسعار بشكل نشط لتمرير التكاليف المرتفعة، وقد لا يسمح التضخم لبنك اليابان بالتوقف عن رفع أسعار الفائدة لفترة طويلة.
في غضون ذلك أظهر مسح أجرته مؤسسة تيكوكو داتا بنك البحثية الخاصة يوم الجمعة، أن الشركات اليابانية تخطط لرفع أسعار 1932 نوعا من الأغذية والمشروبات في يونيو وهو ما يمثل ثلاثة أمثال الرقم مقارنة بالعام الماضي.