logo
اقتصاد

مصر تسابق "مهلة أكتوبر" لإنهاء أزمة الدواء

مصر تسابق "مهلة أكتوبر" لإنهاء أزمة الدواء
مواطن بانتظار الحصول على الأدوية داخل صيدلية شرق القاهرة المصدر: رويترز
تاريخ النشر:22 أغسطس 2024, 12:00 ص

مع توافر نسبي للدولار، الذي تعتمد عليه صناعة الأدوية في مصر، تتجه أزمة نقص الأدوية نحو التراجع، إذ أعلنت الحكومة عن "انفراجة مرتقبة" ستتم "تدريجياً" على مدار ثلاثة أشهر، مع توقعات باستعادة التوازن في السوق بحلول منتصف أكتوبر المقبل.

تقدر احتياجات مصر من الأدوية والمستلزمات الطبية بالعملة الصعبة بنحو 250 مليون دولار شهرياً، وقد ترتفع في بعض الشهور، وفقاً لما أعلنه رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في مؤتمر صحفي بتاريخ 17 يوليو الماضي، الذي أكد أن أزمة نقص الأدوية ستنتهي تدريجياً خلال ثلاثة أشهر، مع تحسن تدريجي في الأوضاع يظهر شهرياً.

أفاد مختصون في قطاع الأدوية لـ"إرم بزنس" أن السوق الدوائي، الذي يعاني نقصاً في نحو ألف صنف من أصل 17 ألف صنف متداول في البلاد، يستعد لانفراجة كبيرة في سبتمبر المقبل، وأوضحوا أن هذه الانفراجة ستسهم إسهاماً ملحوظاً في حل أزمة نقص الأدوية، ومن المتوقع أن تسهم دورة إنتاج جديدة تنتهي في أكتوبر وارتفاع متوقع في أسعار الأدوية في تحقيق التوازن المطلوب، ما يعزز من استعادة السوق الدوائي لعافيته.

ووسط تكدس بضائع منها مواد خام متعلقة بالأدوية في الموانئ لعدم توفر عملة أجنبية، تحرك سعر الدولار في مصر مارس الماضي من أقل من 31 جنيهاً إلى نحو 49 جنيهاً، وسط حديث وقتها يتصاعد عن شح بالسوق الدوائي.

وفي حديث لـ"إرم بزنس"، قال رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية بمصر، الدكتور علي عوف: "كنا نتكلم عن عجز في 1000 صنف دوائي بالسوق المصري، ولكن حالياً وصلنا خلال شهرين لتغطية 50%، وخلال الشهر المقبل سنوفر 250 صنفاً، ونحقق انفراجة كبيرة واقتراب أكثر من المستهدف المطلوب مع المهلة الحكومية التدريجية، ونأمل أن يأتي أكتوبر المقبل، وقد حققنا التوازن نسبياً في السوق".

وكان لاستقرار سعر الصرف بعد تحريكه أثر إيجابي على سوق الدواء في مصر بعد أزمة النقص، وفق عوف، الذي لفت إلى أن تحريك أسعار نحو 400 صنف دوائي على مرحلتين طبقتا بين يوليو وأغسطس بمتوسط بين 25% إلى 30% أدى إلى "استقرار نوعاً ما" وبدء توفير الأدوية وحدوث انفراجة سيشعر بها المصريون أكثر الشهر المقبل أيضاً والذي يليه.

وصف رئيس شعبة الأدوية في مصر أزمة نقص الأدوية بأنها "حالة مؤقتة وليست ظاهرة"، موضحاً أنها مرتبطة بسعر الصرف؛ بسبب استيراد معظم المواد الخام من الخارج، وتوقّع أن تشهد السوق انفراجة مع ضخّ كميات جديدة من إنتاج الشركات بعد حل أزمة السيولة ودخول المواد الخام من الموانئ وبدء الاستيراد الجديد، وأشار إلى احتمال زيادة جديدة في الأسعار تواكب ارتفاع التزامات المصانع وتغيرات سعر الصرف.

يعتقد عوف أن اعتماد سعر مرن بدلاً من السعر الجبري الحالي سيكون أحد الحلول الفاعلة لدعم صناعة الأدوية، وشدد على أهمية الاستمرار في توفير العملة الأجنبية للصناعة لضمان استقرار السوق وتعزيز القدرة الإنتاجية.

وكانت هيئة الدواء المصرية أعلنت، في بيان، "ضخ كميات إضافية من كثير من المستحضرات الدوائية المهمة، وذلك في إطار حرص الحكومة على متابعة سوق الدواء واستمرار جهود هيئة الدواء المصرية لضمان توفر الأدوية الضرورية في السوق المحلية".

وفقاً لتصريحات الدكتور علي الغمراوي، رئيس هيئة الدواء، في يونيو الماضي، فإن صناعة الأدوية في مصر تعتمد اعتماداً كبيراً على شركات القطاع الخاص، سواء أكانت المحلية أم العالمية، وتنتج هذه الشركات نحو 93% من إجمالي الإنتاج المحلي من الأدوية، إذ تسهم الشركات المحلية بنسبة 74% والشركات العالمية الموجودة في مصر بنسبة 26%، في المقابل، يسهم القطاع الحكومي بنحو 7% فقط من الإنتاج المحلي.

وبحسب عضو مجلس نقابة الصيادلة في مصر، الدكتور أحمد أبو دومة، لـ"إرم بزنس"، فإن "نقص السيولة الدولارية يخفض دورة إنتاج الدواء لدى تلك الشركات"، مشيراً إلى أن "صيدليات مصر والسوق الدوائي شهدتا حالة من الارتباك قبل تحريك سعر الصرف في مارس الماضي نتج عنها نقص في عدد من الأصناف الدوائية، خاصة أن ما يزيد على 80% من مدخلات الصناعة تأتي من الخارج".

ودفع استقرار سعر الصرف، بحسب عضو مجلس نقابة الصيادلة، إلى "بدء رؤية انفراجة وبدء تجاوز تلك الحالة المؤقتة"، مستدركاً: "ولكن لا يزال لدينا نقص في بعض الأصناف مثل الفوارات، أما الإنسولين (دواء معالجة مرض السكري) بدأ يتوفر على خلاف ما سبق".

ويعتقد أبو دومة أن صناعة الدواء "تأخذ وقتاً" في استعادة عافيتها وتجاوز "التراكمات السابقة"، مضيفاً: "في الثلث الأخير من أغسطس نتحدث عن بدايات انفراجة، ونتمنى أن تتحرك دورة الإنتاج التحرك المطلوب، ونرى الحل الكامل لهذه الأزمة في سبتمبر أو أكتوبر كما وعد رئيس الوزراء".

وفقاً لبيانات هيئة الدواء المصرية في ديسمبر الماضي، ارتفع عدد مصانع الأدوية المرخصة في مصر من 130 مصنعاً بإجمالي 500 خط إنتاج في عام 2014 إلى 191 مصنعاً تمتلك 799 خط إنتاج حالياً، ويعكس ذلك نمواً بنسبة 37% في عدد المصانع و60% في خطوط الإنتاج.

ويرى مدير المركز المصري للحق في الدواء، محمود فؤاد، في حديث لـ"إرم بزنس"، أن أزمة شح الدواء التي كانت تتجاوز 1000 صنف "بدأت تحل، ولكن ليس الحل الذي نريده"، مرجحاً احتمال حل الأزمة خلال الشهرين المقبلين.

والواقع الحالي لا يزال يحمل "نقصاً في أدوية مهمة"، بحسب محمود فؤاد، لافتاً إلى أن الإنسولين أحد أهم الأصناف الناقصة "بدأ يتوافر، ولكن مطلوب كميات أكبر مع نحو 12 مليون مصاب بمرض السكري".

ويتوقع مدير المركز المصري للحق في الدواء، زيادات جديدة في أسعار الدواء، مشدداً على أن الحكومة تتمسك بسعر جبري تماشياً مع الوضع الاقتصادي الذي لا يتحمل المواطن معه أي أعباء جديدة، بعدِّ الدواء سلعة إستراتيجية مثل الخبز.

وشكلت الحكومة لجنة لمراجعة أسعار الدواء في البلاد كل 6 أشهر، وعقدت اجتماعاً في مايو الماضي، ويتطلب تحريك أسعار الأدوية موافقة هيئة الدواء المصرية المعنية بتقييم ذلك رسمياً، وذلك بعد تقديم الشركات ما يثبت ارتفاع تكاليف الإنتاج.

وفي تصريحات لرئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في يوليو الماضي، أكد قدرة الحكومة بالتنسيق مع شركات الأدوية في القطاع الخاص بالوصول إلى "عملية التوازن"، لافتاً إلى أنه مع تطبيق الإجراءات التصحيحية وتوحيد سعر الصرف، تم الاتفاق مع الشركات على تحريك محسوب ودقيق بنسب مقبولة للأدوية.

وكشف عن خطة للدولة عبر هيئة الدواء لتطبيق هذا التحريك في أسعار بعض المجموعات الدوائية حتى آخر العام، بما يضمن عدم حدوث أي نقص في الأدوية خلال المدة المقبلة.

ويبلغ حجم سوق الدواء في مصر نحو 300 مليار جنيه نحو ( 6 مليارات دولار) وفق تصريحات لوزير الصحة المصري، الدكتور خالد عبد الغفار، في يوليو الماضي، لفت خلالها إلى أن الوزارة تستهلك ما يقرب من مليار دولار أدوية سنوياً، وهو ما يمثل نحو 25% من الاستهلاك العام للدواء في مصر.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC