خاص
خاص

بـ27 مليار دولار.. المغرب يُنير منازل بريطانيا

وسط صراعات سياسية وحروب تُهدد استقرار المنطقتين الأوروبية والعربية، يبرز المغرب كمنارة طاقة خضراء تُنير أفق أوروبا المُظلم، فمع محاولات دول القارة العجوز الاستغناء عن الغاز الروسي بقدر كبير، تُركز الأنظار على إمكانيات المغرب الهائلة في إنتاج الطاقة المُتجددة، كبديل نظيف ومستدام.

وفي هذا السياق، تأتي خطة شركة «Xlinks» البريطانية العملاقة لنقل الطاقة المُنتجة في المغرب إلى بريطانيا عبر كابلات ربط بحرية بتكلفة 22 مليار جنيه إسترليني (27 مليار دولار)، وتهدف هذه الخطوة إلى تزويد أكثر من 7 ملايين منزل بريطاني بالكهرباء، أي ما يعادل 8% من احتياجات بريطانيا من الطاقة.

ورأى خبراء الطاقة البريطانيون والمغاربة مشروع «Xlinks» نقلة نوعية وتحولًا أوروبيًّا للاستفادة من خيرات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خاصةً مع التوجهات الدولية لخلق طاقة نظيفة بعيدة عن إنبعاثات الكربون.

تفاصيل المشروع

وكشف الخبير البيئي ومدير مركز البيئة المغربي، الدكتور محمد بنعبو، عن تفاصيل المشروع الضخم لنقل الطاقة النظيفة من المغرب إلى بريطانيا عبر خط بحري بطول 3800 كيلومتر، مشيرًا إلى أن "المشروع، الذي يُعدّ شراكة بين البلدين، يهدف إلى إنتاج 10.50 جيجاوات من الكهرباء الخالية من الكربون، بما يُغطي 8% من احتياجات بريطانيا من الكهرباء".

ومن المتوقع أن يوفر المشروع طاقة منخفضة التكلفة لـ7 ملايين منزل بريطاني بحلول عام 2030، وذلك بتكلفة إجمالية تصل إلى 25 مليار دولار، ولم تُحدد مدة عقد المشروع حتى الآن، إذ ينتظر تحديد مدة العقد بعد التوصل إلى اتفاق بشأن الأسعار بين الشركة المنفذة والمغرب.

وأشار الدكتور محمد بنعبو، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، إلى التنافس الكبير بين بريطانيا وألمانيا على الاستثمار في مشاريع الطاقة الجديدة والمتجددة في المغرب، إذ تهدف هذه المشاريع إلى إنتاج 26 تيراوات من الكهرباء، مستفيدةً من موقع المغرب الاستراتيجي وشمسه الساطعة.

وتأتي رغبة الدول الأوروبية، خاصةً بريطانيا وألمانيا، في الاستثمار في الطاقة النظيفة بالمغرب، في ظل سعيها لتنويع مصادر الطاقة بعد تخليها عن الغاز الروسي الذي كان يمدها بنحو 40% من احتياجاتها من الطاقة الأحفورية.

ويرى الخبير أن "المغرب يتمتع بإمكانيات هائلة تجعله مؤهلًا ليكون ضمن 6 دول على مستوى العالم في مجال إنتاج الطاقة المتجددة"، وأوضح أن ذلك يعود إلى توافر حقول مغربية مهمة تستمد الطاقة من الرياح، خاصة أن سرعة الرياح في المغرب تتراوح بين 60 و80 كم/ساعة، وهي النسبة المتفق عليها عالميًّا لإنتاج طاقة الرياح بكفاءة.

وأضاف أن "المغرب يتمتع بوجود شمس ساطعة بحوالي 300 يوم في السنة، ما يجعله موقعًا مثاليًا لإنتاج الطاقة الشمسية"، وأشار إلى الخطة الطموحة لمشروعات الطاقة في المغرب التي تهدف إلى تعزيز استثمارات المملكة في هذا المجال إلى 99 مليار دولار بحلول عام 2030.

وتتضمن الخطة، التي تُنفذ على ثلاث مراحل، زيادة حصة الطاقة المتجددة في المزيج الطاقي الوطني إلى 52% بحلول عام 2030، و60% بحلول عام 2040، و80% بحلول عام 2050.

وتهدف هذه الاستثمارات إلى تحقيق عائدات تُقدر بـ22 مليار درهم مغربي في عام 2030، و32 مليار درهم مغربي في عام 2050، وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز الاستقلالية الطاقية للمملكة، حسب الدكتور محمد بنعبو.

هناك تنافس كبير بين بريطانيا وألمانيا على الاستثمار في مشاريع الطاقة الجديدة والمتجددة في المغرب
الخبير البيئي ومدير مركز البيئة المغربي الدكتور محمد بنعبو
بديل استراتيجي للغاز الروسي

أما المستشار في شؤون الطاقة، مصطفى البرزكان فقد أشار إلى أن "مشروع نقل الكهرباء من المغرب إلى بريطانيا سيكون له دور محوري في تلبية إحتياجات المملكة المتحدة من الطاقة بعد قرارها بوقف استيراد الغاز الطبيعي والمسال الروسي".

وأوضح البرزكان، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أن "هذا المشروع، الذي تنفذه الشركة الناشئة Xlinks دون أي دعم حكومي بتكلفة تصل إلى 25 مليار دولار، يُمثّل خطوة مهمة نحو تحقيق أمن الطاقة في بريطانيا، وتعزيز الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة".

وتستعد قرية ألفيرديسكوت الصغيرة الواقعة في شمال بريطانيا لكتابة فصل جديد في تاريخها، وذلك من خلال تحولها إلى مركزٍ محوري لحل أزمة الطاقة العالمية.

ففي إطار المشروع المغربي البريطاني، تعمل الحكومة البريطانية منذ عامين على استكمال محطة ألفيرديسكوت، التي ستؤدي دورًا رئيسًا في نقل الكهرباء المنتجة من الطاقة المتجددة في المغرب إلى الشبكة الوطنية في المملكة المتحدة، بحسب البرزكان.

وبموجب الاتفاق، سيزود أطول خط كهرباء بحري في العالم بريطانيا بنحو 3.6 غيغاواط من الكهرباء المنتجة من مصادر الطاقة المتجددة في المغرب.

ومن شأن هذه القدرات أن توفر الكهرباء النظيفة لأكثر من 7 ملايين منزل بحلول عام 2030، بالإضافة إلى تغطية نحو 8% من الطلب على الكهرباء في المملكة المتحدة، بحسب بيان شركة إكس لينكس (Xlinks First Limited) مُطورة المشروع.

وأوضح خبير الطاقة أن "المشروع كان قيد التخطيط منذ سنوات مع إحدى الدول العربية، لكنه توقف بسبب الأحداث السياسية والتغيرات المناخية"، مضيفًا أن "المملكة المتحدة اختارت المغرب لتمتعها بمزايا عديدة، أهمها وفرة أشعة الشمس على مدار السنة، ما يجعلها موقعًا مثاليًا لتوليد الطاقة الشمسية".

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com