logo
طاقة

معادن الصين النادرة.. لماذا تهدّد بنسف هدنة الحرب التجارية؟

معادن الصين النادرة.. لماذا تهدّد بنسف هدنة الحرب التجارية؟
عمليات استخراج معادن أرضية نادرة المصدر: رويترز
تاريخ النشر:2 يونيو 2025, 05:18 م

تحوّلت العناصر الأرضية النادرة التي تهيمن عليها الصين دون منازع، إلى أكبر تهديد للهدنة التجارية الهشة بينها وبين الخصم الأميركي، في وقت بدأت الأصوات تعلو داخل واشنطن منادية بضرورة الاستعداد للأسوأ.

على ما يبدو، فإن بكين أغضبت الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإدارته، بسبب عدم تخفيف حملتها على صادرات سبعة معادن أرضية حيوية لصناعات أميركية عدة، من الهواتف الذكية والسيارات الكهربائية إلى المعدات العسكرية على غرار طائرات F-35.

أخبار ذات صلة

سباق المعادن في 2025.. هل يسطع بريق الذهب أم تلمع الفضة؟

سباق المعادن في 2025.. هل يسطع بريق الذهب أم تلمع الفضة؟

يوم الجمعة الماضي، وجّه ترامب اتهامه للصين بانتهاك شروط الاتفاق التجاري المبدئي الذي تم التوصل إليه في جنيف أخيراً، والذي تضمن هدنة في الحرب التجارية مدتها 90 يوماً تستمر حتى منتصف أغسطس. لم يعطِ ترامب توضيحاً للأسباب وراء اتهامه، لكن الممثل التجاري الأميركي، جيميسون غرير، وضع إصبعه على أبرز هواجس البيت الأبيض بالقول إن الصين «تواصل إبطاء وخنق» تدفق المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة.

تصريحات وزير الخزانة سكوت بيسنت أتت يوم الأحد لتؤكد الأمر، حيث قال إن ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ سيتحدثان قريباً لتسوية القضايا التجارية، بما في ذلك النزاع حول المعادن الحرجة.

وأضاف في مقابلة مع قناة «سي بي إس» (CBS) الأميركية: «إنهم يحجبون بعض المنتجات التي وافقوا على تحريرها خلال اتفاقنا. ربما يكون خللاً في النظام الصيني، وربما يكون مقصوداً».

سلاح صيني

منذ عام 2023، قامت الصين بتنفيذ ضوابط تصدير على العديد من المعادن الأرضية النادرة، في خطوة وصفت بأنها حملة تهدف إلى تعطيل سلاسل إمداد قطاعي الدفاع والتكنولوجيا الأميركيين، جاءت في إطار الرد على تضييق أميركي استهدف قطاع التكنولوجيا الصيني.

وفي 4 أبريل الماضي، جلبت التعريفات الجمركية الصارمة التي أعلن عنها ترامب، رداً صينياً آخر بفرض وزارة التجارة الصينية قيود تصدير على عناصر نادرة سبعة مستخدمة بكثافة في قطاعات الدفاع والطاقة والسيارات، وتسيطر الصين على الغالبية العظمى من قدرات معالجتها عالمياً وهي: الساماريوم، الغادولينيوم، التيربيوم، الديسبروسيوم، اللوتيتيوم، السكانديوم، الإيتريوم.

بذلك باتت الشركات الأميركية مجبرة على الحصول على تراخيص تصدير خاصة، فتدافعت لإعادة التخزين قبل نفاد مخزوناتها المتضائلة.

أخبار ذات صلة

رغم الخسائر المليارية.. «إنفيديا» لا تنوي الانسحاب من الصين

رغم الخسائر المليارية.. «إنفيديا» لا تنوي الانسحاب من الصين

نقطة ضعف أميركية

تعد الولايات المتحدة عرضة بشكل خاص لسلاسل توريد تلك المعادن السبعة النادرة. فحتى عام 2023، كانت الصين تُعالج 99% من المعادن الأرضية النادرة الثقيلة عالمياً، مع إنتاج ضئيل للغاية من مصفاة في فيتنام أُغلقت خلال العام الماضي بسبب نزاع ضريبي، ما منح الصين احتكاراً فعلياً للإمدادات، وفقاً لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS).

حذّر المركز في تقرير صدر منتصف أبريل الماضي، من أن الجيش الأميركي «ضعيف بشكل خاص» أمام أي اضطراب في شحنات العناصر الأرضية النادرة المعروفة اختصاراً بـ(REEs)، والتي تعد ضرورية لمجموعة من تقنيات الدفاع، بما في ذلك طائرات F-35 المقاتلة، وغواصات فرجينيا وكولومبيا، وصواريخ توماهوك، وأنظمة الرادار، والطائرات المسيرة، وبعض القنابل الذكية.

على سبيل المثال، تحتوي طائرة F-35 المقاتلة على أكثر من 900 رطل من العناصر الأرضية النادرة، بينما تستخدم غواصة من فئة فرجينيا حوالي 9200 رطل.

هذا، في وقت تواجه الولايات المتحدة بالفعل تراجعاً في تصنيع هذه التقنيات الدفاعية، فيما توسع الصين بالمقابل إنتاجها من الذخائر، وتحصل على أنظمة ومعدات أسلحة متطورة بوتيرة أسرع من الولايات المتحدة بخمس إلى ست مرات، بحسب مركز (CSIS)، الذي أشار إلى أن فرض المزيد من الحظر على مدخلات المعادن الأساسية لن يؤدي إلا إلى توسيع الفجوة، ما يتيح للصين تعزيز قدراتها العسكرية بسرعة أكبر.

هذا الافتقار في إمكانات فصل العناصر الأرضية النادرة، دفع واشنطن إلى العمل على تطوير قدراتها. لكن حتى مع الاستثمارات الحديثة، لا تزال الولايات المتحدة بعيدة كل البعد عن تحقيق هدف إنشاء سلسلة توريد للعناصر الأرضية النادرة مستقلة عن الصين، كما أنها أبعد ما تكون عن منافسة الخصوم الأجانب في هذه الصناعة الاستراتيجية. وفي حين يتطلب تطوير قدرات التعدين والمعالجة جهداً طويل الأمد، يرى تقرير (CSIS) أن الولايات المتحدة ستبقى في موقف ضعيف في المستقبل المنظور.

لا بدائل سريعة

يمثل هذا الواقع تحدياً كبيراً للولايات المتحدة، في ظل عدم وجود شركاء دوليين يمكن أن تسد فجوة العرض من خلالهم. فبينما تعمل العديد من الدول على تطوير رواسبها من المعادن الأرضية النادرة الخفيفة والثقيلة، تحتفظ الصين باحتكار الثقيلة المكرّرة منها في الوقت الحالي.

لدى أستراليا، والبرازيل، وجنوب إفريقيا، والسعودية، واليابان، وفيتنام، مبادرات واستثمارات جارية لدعم عمليات التعدين والمعالجة والبحث والتطوير الرئيسة للعناصر الأرضية النادرة، بالإضافة إلى تصنيع المغناطيس، لكنها خطط واستثمارات تتطلب وقتاً طويلاً حتى تتحول إلى واقع.

من ناحية أخرى، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لبناء قدرات المعالجة والتكرير بعيداً عن الصين؛ فحتى شركة «ليناس» (Lynas) الأسترالية التي تعد أكبر منتج للعناصر الأرضية النادرة المنفصلة خارج الصين، لا تزال ترسل موادها إلى الأخيرة لتكريرها.

وبينما يُنظر إلى نية ترامب المعلنة للاستيلاء على غرينلاند الغنية بالموارد - إلى جانب الصفقة التي أجبرت عليها أوكرانيا - كجزء من استراتيجيته للحد من اعتماد البلاد أميركا الصين، لا تزال الثروات المعدنية في كلا المنطقتين على بعد سنوات عديدة حتى تتحول إلى منتج تجاري قادر على تغطية الطلب الأميركي.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC