تسبب إضراب شامل لعمال النقل البري في تونس، اليوم الأربعاء، في توقف شبه كامل لحركة الحافلات والمترو، ما أدى إلى شلل كبير في المرافق الحيوية داخل المدن وخارجها.
يأتي هذا التحرك الاحتجاجي في وقت تتصاعد فيه الضغوط على حكومة الرئيس قيس سعيّد، في ظل أزمة اقتصادية خانقة تلقي بظلالها على الخدمات العامة ومعيشة المواطنين، وفقاً لما أوردته وكالة «رويترز».
الإضراب، الذي دعت إليه جامعة النقل التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، بدأ صباح اليوم ويستمر لمدة ثلاثة أيام، ويطالب المضربون بتحسين الأجور وظروف العمل، إلى جانب إجراء إصلاحات عاجلة في قطاع النقل، الذي يعاني من تدهور في البنية التحتية وأسطول قديم غير مؤهل للاستجابة للطلب المتزايد.
وسلط التحرك النقابي الضوء على تنامي حالة السخط الشعبي في البلاد، وسط تدهور متسارع للخدمات العامة في قطاعات أساسية كالصحة والتعليم والنقل، فضلاً عن الانقطاعات المتكررة في المياه والكهرباء، الناتجة عن ضعف التمويل الحكومي وقلة الاستثمارات.
ورغم التحركات المتكررة لمختلف القطاعات، تؤكد الحكومة أن الوضع المالي الراهن لا يسمح بزيادات جديدة في الأجور والمنح داخل القطاع العام.
ويشير مراقبون إلى أن الأزمة المالية الحادة التي تمر بها البلاد، في ظل شح التمويلات الخارجية، تضع الحكومة في موقف صعب بين الاستجابة للمطالب الاجتماعية وتفادي الانهيار المالي.
في هذا السياق، شهدت تونس الشهر الماضي إضراباً واسعاً شنه الأطباء الشبان للمطالبة بتحسين رواتبهم وظروف عملهم، وهو ما يعكس تصاعد حالة الاحتقان في صفوف مختلف فئات المجتمع.
مراسل «رويترز» في العاصمة تونس رصد محطات المترو خالية تماماً من العربات والركاب، باستثناء قلة من المواطنين الذين لم يعلموا بموعد الإضراب.
كما توقفت حركة الحافلات بالكامل، واضطر آلاف المواطنين إلى اللجوء لوسائل نقل بديلة مثل السيارات الخاصة، وسيارات الأجرة، بل حتى الدراجات النارية غير المرخصة.
أيمن العميري، أحد المواطنين المتأثرين بالإضراب، قال لـ«رويترز» أثناء انتظاره في محطة للحافلات بالعاصمة: «نحن نعاني، لا يوجد نقل، ولا وظائف، والأسعار ترتفع يوماً بعد يوم، الوضع لا يُحتمل».
من جهتها، أعلنت جامعة النقل أن الإضراب في يومه الأول حقق نسبة نجاح بلغت 100%، محذرة من انهيار وشيك لقطاع النقل العام إذا لم تتدخل الدولة بسرعة لإصلاحه بشكل جذري وفعال.
في المقابل، قالت وزارة النقل إن هناك بوادر انفراج في أزمة النقل، مشيرة إلى شراء مئات الحافلات الجديدة من الصين وأوروبا خلال الأشهر الأخيرة، ما من شأنه تحسين الخدمة تدريجياً.
ووصفت الوزارة المطالب المالية الحالية للاتحاد بـ«المجحفة»، مؤكدة أن تلبيتها مشروطة بتحسن إيرادات شركات النقل العام.