logo
مقالات الرأي

توترات البحر الأحمر.. ماذا بعد؟

توترات البحر الأحمر.. ماذا بعد؟
تاريخ النشر:31 ديسمبر 2023, 07:52 ص
تحدٍ جديد يواجه الاقتصاد العالمي الذي لم يتعاف بعد من آثار جائحة كورونا وحربي أوكرانيا وغزة، يتمثل في توترات الملاحة بالبحر الأحمر عقب هجمات الحوثيين التي تسببت في ارتباك كبير بمسارات الشحن حول العالم، وما لذلك من تداعيات كبرى.

تعطيل الشحن لفترة طويلة عبر البحر الأحمر له انعكاسات سلبية على ارتفاع الأسعار والضغط على النمو الاقتصادي لدى دول العالم التي تعاني بالفعل من مزيج من ارتفاع التضخم والانكماش الاقتصادي.

فنحو 12% من التجارة العالمية تمر عبر البحر الأحمر، بما في ذلك 30% من حركة الحاويات العالمية، وهو ما يمثل تريليون دولار من التجارة كل عام، وفقا للمجلس الأطلسي.

وبحسب أرقام رسمية فإن 25 ألفا و887 سفينة مرت عبر قناة السويس مرورا بالبحر الأحمر خلال العام المالي المنتهي في 30 يونيو الماضي. ومع مرور نصف العام المالي الحالي، قد ينخفض هذا العدد بقدر كبير مع التوترات القائمة في البحر الأحمر.

ووفق بيانات شركة "فليكسبورت إنك" للشحن، فإن 299 سفينة ذات قدرة مشتركة على حمل 4.3 ملايين حاوية قد غيرت مسارها أو تخطط لذلك، وذلك يمثل ضعف العدد تقريبًا، في الأسبوع الثالث من ديسمبر الجاري، ويعادل حوالي 18% من السعة العالمية.

فالقناة هي أسرع طريق بحري بين آسيا وأوروبا، وإحدى نقاط الاختناق الجغرافية السبعة ذات الأهمية البالغة لتجارة النفط العالمية.

وخلال الفترة من يناير إلى نوفمبر الماضي، شهد البحر الأحمر مرور ما يصل إلى 802 مليون برميل يومياً من النفط الخام والمنتجات النفطية، وفقا لبيانات شركة "فورتيكسا" للتحليلات النفطية.

وخلال هذا العام، تدفق إجمالي 16.2 مليون طن متري، أو 51% من تجارة الغاز الطبيعي المسال، من حوض الأطلسي شرقًا عبر قناة السويس، بينما مر 15.7 مليون طن متري عبر القناة من حوض المحيط الهادئ غربًا، وفقًا لستاندرد آند بورز.

هذه الأرقام تعكس مدى أهمية البحر الأحمر وتشي بأن استمرار المخاطر سيكون بمثابة "زعزعة للتجارة العالمية" قد تعادل الفوضى التي أحدثتها جائحة كورونا في سلاسل الإمداد العالمية.

الخطورة تكمن في أن تغيير مسارات السفن يزيد تكلفة الشحن، حيث يمكن أن تستغرق الرحلات المحولة حول أفريقيا فترة أطول بنسبة تصل إلى 25% مقارنة باستخدام طريق قناة السويس المختصر بين آسيا وأوروبا.

كما أن هناك تخوفات من أن تؤثر توترات الملاحة في البحر الأحمر على سعة الشحن العالمية وتراجعها بحوالي 20%، ومن ثم ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين على كل شيء إذا استمرت الرحلات الطويلة، وهو ما دفع الأردن إلى منع إعادة تصدير المواد الأساسية (الأرز والزيوت والسكر)، وقد نشهد في الفترة المقبلة إعلانات مماثلة من دول أخرى إذا طالت مدة الأزمة.

فالسفينة التي تحمل الخام السعودي من الخليج العربي يمكن أن تصل إلى روتردام إذا قطعت 6,436 ميلا بحريا عبر قناة السويس، وبينما يؤدي تغيير الطريق إلى رأس الرجاء الصالح إلى زيادة الرحلة إلى 11,169 ميل بحري.

ومع دخول العام الجديد، فإن استمرار ارتباك الملاحة في البحر الأحمر على المدى الطويل سيمثل ضربة أخرى لسلاسل التوريد العالمية وقد يتسبب في ارتفاع أسعار النفط والغاز ما سيكون مصدر قلق كبيرا لاقتصادات العالم في 2024.

أما الخاسر الأكبر بسبب أزمة البحر الأحمر فهي مصر، حيث تعتمد على رسوم العبور عبر قناة السويس لتحقيق ما قد يصل إلى ربع عائداتها من العملة، وبالفعل، تحت ضغط الوضع الإنساني في غزة والاقتصاد المتأزم، قد تواجه القاهرة ضغوطاً مالية كبيرة إذا تباطأت حركة المرور عبر القناة.

لكن ما قد يمثل بارقة أمل هو إعلان بعض شركات الشحن الكبرى عن عودة استخدام البحر الأحمر كمسار للشحن بعد الإعلان الأميركي عن عملية "حارس الازدهار" لحماية الملاحة، ما يشي بقرب انتهاء الأزمة والتخفيف عن كاهل الاقتصاد العالمي الذي بات في وضع حرج مع توالي الأزمات.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC