خلال كوب 28
خلال كوب 28رويترز

كوب 28 والاتفاق الطموح

من السهل أن تقطع وعدا لكن أن تفي به هو الأمر الأصعب، وهذا ما تعودنا عليه من دولة الإمارات وقيادتها التي تميزت باقتران الأفعال بالأقوال، وهذه سنة حميدة سرت وجرت منذ تأسيس الدولة التي استضافت آخر نسخة من مؤتمر المناخ العالمي بنجاح منقطع النظير.

هذه هي الإمارات، التي أوصلت العرب إلى أبعد نقطة ممكنة في الإنجازات، وهذه قيادتها التي وعدت ووفت، وما كان ليحدث النجاح لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ COP28 إلا عبر تخطيط واهتمام منقطع النظير من دولة اللامستحيل.

في ظل انقسامات وأزمات تتهدد العالم، كان "اتفاق الإمارات" للمناخ إنجازا تاريخيا غير مسبوق وبمثابة بيان وبرهان جدارة للشعب الإماراتي وللقيادة الرشيدة، التي لم تتراخ في حمل المسؤوليات، أو قيادة الطموحات إلى أقصى الآفاق، فباتت سمعة دولة الإمارات مقترنة بمصداقية مشهود لها بأنها أينما حلت جاء الخير.

إقرار اتفاق الإمارات باتجاه التخلي عن الوقود الأحفوري هو جزء من رؤية دولة الإمارات التي لطالما أكدت أهمية التدرج في كل الأمور حتى لا ينقلب الشيء لنقيضه فلا ننسى تأكيد الدكتور سلطان الجابر، رئيس كوب28، قبل نحو أسبوعين من بدء المؤتمر في مقابلة مع صحيفة التايمز بأن "العالم ليس جاهزا بعد للتخلص كليا من النفط والغاز، نحتاج أن نكون واقعيين. التقليص التدريجي في الاعتماد على الوقود الأحفوري أمر لا مفر منه".

ولأنه لا يمكن فصل العالم عن نظام الطاقة الحالي قبل بناء نظام طاقة جديد، ولذلك اتخذ رئيس كوب28 نهجا مختلفا عن الرؤساء السابقين في مؤتمر الأطراف باتفاقية الأمم المتحدة للمناخ حيث وجه الدعوة إلى شركات النفط والغاز، وأعطى الأولوية للحلول المناخية في شركات القطاع الخاص، وكانت النتيجة غير مسبوقة وتاريخية، حيث قررت 50 شركة في قطاع النفط والغاز، تمثل 40% من الإنتاج العالمي، الالتزام بالتخلص من الكربون في عملياتها الإنتاجية بحلول عام 2050.

وبالتوازي مع نجاحات المؤتمر، سعت وكالات وجهات دولية إلى شيطنة النفط رغم أن تقاريرها لم تخل من حديث بشأن استمرار نمو الطلب العالمي على النفط باعتباره المحرك الأساس للاقتصاد العالمي.

إلا أن الدولة المضيفة لمؤتمر المناخ العالمي أكدت أهمية التركيز على تحجيم الانبعاثات وليس التخلص الجذري من الوقود الأحفوري دون خطط، معترفة في الوقت ذاته بأنه أمر لا مفر منه ولكن بخطة مدروسة نحو التخلي عن الوقود الأحفوري، فالانسياق لمثل هذه النداءات لن يجني منه العالم سوى فوضى على نطاق قد يكون غير مسبوق في مجال الطاقة، مع عواقب وخيمة للاقتصادات ومليارات الأشخاص حول العالم.

ما يثير الدهشة أن من يقود حملة التخلي عن النفط دول عاد الدخان يتصاعد بكثافة من فوهات محطاتها لتوليد الطاقة الكهربائية التي تستخدم الفحم في أوروبا، في مشاهد أعادتنا للثورة الصناعية، فمع تراجع إمدادات الغاز الطبيعي الروسي، عادت العديد من الدول مثل فرنسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وهولندا والنمسا وبولندا والمجر والتشيك واليونان وبريطانيا إلى استخدام الفحم كمصدر لتوليد الكهرباء.

ففي انتصار لمصالحها أعادت بعض الدول الفحم على حساب كارثة التغيرات المناخية، فالمعلوم للقاصي والداني أن الفحم ينتج أكبر نسبة من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلوغرام من جميع أنواع الوقود الأحفوري، ما ينتج عنه ضعف كمية الغاز الطبيعي، كما أنه يتسبب في تلوث الهواء عن طريق إطلاق الجسيمات عند الاحتراق.

لكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح وحقق كوب 28 إعلانا تاريخيا هو "اتفاق الإمارات" الذي حافظ على الهدف المناخي العالمي الأسمى المعروف بـ"هدف 1.5 درجة مئوية"، ومن ثم توالت الإشادات العالمية من الشرق والغرب بـ"الاتفاق الطموح".

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com