بورصة مصر تترقب "العاصمة الإدارية".. سيناريو الطرح الأضخم
أثار إعلان شركة العاصمة الإدارية المصرية، عن اعتزامها طرح جزء من أسهمها في البورصة المصرية قبل منتصف 2024، الكثير من التساؤلات حول سيناريوهات هذا الطرح وتأثيره على أداء السوق، وهل من الممكن أن يواجه بعض الصعوبات، أم أن الأمور ستسير على ما يرام، خاصة أن هذا الطرح سيكون الأضخم الذي تشهده البورصة المصرية عبر تاريخها.
وقال محللون ماليون إن طرح العاصمة الإدارية سيؤثر إيجابيا على البورصة المصرية بشكل عام، وقطاع العقارات بشكل خاص، مشيرين إلى أنه يحتاج إلى حجم تمويل كبيرا جدا، أكبر من رأس المال السوقي الحالي للبورصة كلها، بالإضافة إلى أن الاكتتاب سيكون متنوعا بين المصريين والعرب والأجانب، ولن تستحوذ أي فئة عليه.
ووفقا لتصريحات المهندس خالد عباس، رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، فإنه من المخطط طرح حصة من شركة العاصمة الإدارية في البورصة المصرية قبل منتصف عام 2024.
وأوضح عباس، خلال مؤتمر التطوير العقاري السابع، الذي عقد في القاهرة مؤخرا، أن شركة العاصمة الإدارية تقوم حاليًا بالتوافق مع شروط القيد وفقًا لمتطلبات الهيئة العامة للرقابة المالية، ويجري تعيين مستشار مالي عالمي للطرح خلال الفترة المقبلة، لتجهيز إجراءات القيد والترويج.
وكشف عباس، في تصريحات سابقة، أنه سيتم طرح نسبة تتراوح ما بين 5% و10% من أسهم الشركة في البورصة. وحققت شركة العاصمة الإدارية، أرباحًا بقيمة 10 مليارات جنيه خلال النصف الأول من العام الجاري، ومن المتوقع أن تحقق أرباحها المستهدفة، معدلات نمو خلال العام الجاري بنسبة تتراوح بين 15% و20%.
ووفقًا للمستهدف الذي أفصح عنه عباس، فإن أرباح الشركة للعام الحالي ستتراوح ما بين 22.7 و23.7 مليار جنيه، مقابل 19.8 مليار في 2022.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أعلن في أغسطس 2021، أن شركة العاصمة الإدارية قد تُطرح في البورصة المصرية في اكتتاب عام قياسي خلال عامين، مشيراً إلى أن الشركة تمتلك أصولاً سائلة بقيمة 100 مليار جنيه، وأصولاً تحت الإدارة تتراوح بين 3 و4 تريليونات جنيه.
ووفقا لنتائج الأعمال التي أعلنت عنها الشركة أغسطس الماضي، فقد ارتفعت قيمة الأصول التابعة خلال 2022، لتصل إلى 255 مليار مقابل 104 مليارات خلال 2021، كما بلغ إجمالي أرباحها قبل الضرائب 19.8 مليار جنيه، تماثل 100% من رأس المال المصدر للشركة تقريبا، فيما سجل صافى الربح بعد خصم الضرائب نحو 16.1 مليار جنيه.
تمويل ضخم
في هذا الصدد، يقول محلل أسواق المال، سمير رؤوف، إنه من المتوقع طرح جزء فقط من الشركة، ومن الممكن أن يتم تعديل قانون البورصة في نسبة الطرح، لأن الشركة تقييمها كبير جدا، والرئيس السيسي أعلن أنه يصل إلى 3 تريليونات جنيه، وقد يزيد في ظل التقييم المالي الأخير.
وأضاف رؤوف، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، أن الشركة تعمل في قطاع العقارات والمقاولات بشكل متوازٍ، وأرباحها 10 مليارات جنيه في 6 أشهر، وهذا مبلغ كبير بالنسبة لأرباح الشركات المصرية، فضلا عن التقييم المرتفع لها.
وأوضح أن طرح الشركة من الممكن أن يواجه بعض الصعوبات، تتمثل في أنه لو تم طرح 25% من الشركة، فنحن نتحدث عن 600 مليار جنيه، وهذا الرقم كبير على البورصة المصرية، ويحتاج إلى حجم تمويل كبيرا جدا، أكبر من رأس المال السوقي للبورصة كلها.
وأشار إلى أنه طبقا للقانون المصري فإن الحد الأدنى لطرح الشركات يبلغ 25%، ولذلك نحن أمام رقم ضخم على المستثمرين والممولين، إلا إذا تم استثناء شركة العاصمة الإدارية من هذا الشرط.
وأضاف محلل أسواق المال أنه قد يتم طرح نسبة ربما 5%، مثلما حدث مع شركة أرامكو في المملكة العربية السعودية، حيث طرح 1.5% فقط من أسهمها، متوقعا أن تُعرض الشركة على المؤسسات والمستثمرين الاستراتيجيين في طرح خاص في البداية، ثم تطرح باقي الأسهم المخصصة للاكتتاب على المستثمرين الأفراد.
طرح جاذب
وأكد رؤوف، أن الطرح جاذب للمستثمرين، ويتميز بجذب استثمارات جديدة للشركة والبورصة معا، في ظل أنها شركة كبيرة وتحقق أرباحا ضخمة، بما يضمن تحقيق أرباح وعوائد مجزية للمستثمرين الجدد بعد الطرح، بالإضافة إلى العائد والمردود الاقتصادي على البورصة ورأس المال السوقي.
وتابع: "في البداية الطرح سيؤثر على أداء البورصة بشكل سلبي لأنه سيسحب السيولة تمهيدا للطرح، لكن سرعان ما سيعود التوازن للسوق بعد الطرح، أما عن توقيت الطرح المحتمل فلا يستطيع أحد تحديده إلا الشركة نفسها، ومدى جاهزيتها للطرح، فضلا عن ضرورة وجود سيولة في البورصة نفسها تغطي هذا الطرح".
ولفت محلل أسواق المال إلى أن البورصة الآن جاهزة لجذب طروحات، لكن ليس بهذا الحجم الضخم، ومن الممكن أن تكون مؤهلة للطرح فيما بعد، وسيكون الاكتتاب متنوعا بين المصريين والعرب والأجانب، ولن يكون مقصورا على فئة معينة، والأمر سيتوقف على السيولة وقت الطرح ومدى استفادة كل مستثمر من الاستثمار في الشركة.
العقارات الأكثر استفادة
من جانبه، يقول زيادة شتا، محلل أسواق المال، إن خبر إعلان طرح العاصمة الإدارية بالبورصة في حد ذاته، يعد أمرا إيجابيا للسوق المصري بشكل عام، ولقطاع العقارات بشكل خاص.
وأضاف شتا، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، أن قطاع العقارات سيكون القطاع الأكثر استفادة من هذا الطرح، بالإضافة إلى شركات القطاعات الأخرى المرتبطة به كالحديد والأسمنت وغيرها، فضلا عن قطاع البنوك الذي يمول هذه الشركات.
وأوضح محلل أسواق المال، أن هذا الطرح سيؤدي إلى انتعاشة في السوق ويساهم في دخول مؤسسات ومستثمرين عرب وأجانب بشكل أكبر للبورصة المصرية، قائلا، "هيعمل دم جديد للسوق وتمويلات خارجية أكبر"، مشيرا إلى أن هذا الطرح لن يواجه صعوبات لأن الدولة هي القائمة عليه، وستسخر كل جهودها لإنجاحه.
مزايا عديدة
بدورها، سلطت محللة أسواق المال، ليلى عبدالحميد، الضوء على مزايا طرح شركة العاصمة الإدارية في البورصة المصرية، ومنها زيادة حجم سيولة السوق، وزيادة ثقل مؤشرات البورصة المصرية ككل، وجذب استثمار أجنبي، بالإضافة إلى جذب استثمار محلي، وشرائح جديدة من الأفراد، وبالتالي إعطاء مزيد من الثقة في برنامج الإصلاح الاقتصادي.
وأضافت عبدالحميد في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، أنه فيما يتعلق بالصعوبات التي قد تواجه عملية الطرح، فهي تتمثل في توقيت الطرح من حيث الأجواء والتأثيرات الجيوسياسية الجارية، التي نأمل بانتهائها بحلول العام المقبل، فضلا عن تصنيف مصر الائتماني في توقيت الطرح، والذي سيؤثر إيجابا أو سلبا في تنوع شريحة المستثمرين الأجانب، وسعر الفائدة على السندات الدولية والدولارية وقت الطرح محليا وعالميا، لأن ارتفاع سعر الفائدة قد يؤثر على نجاح الطرح جزئيا، فيما يخص جانب الاستثمار الأجنبي وليس المحلي.