تقارير
تقاريرأثار الحرب - رويترز

3 سيناريوهات للحرب.. أسوأها ركود عالمي ونفط بـ150 دولارًا

مع استمرار الصدام بين حركة حماس الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، حيث دخلت المواجهات يومها الثامن على التوالي، تأججت المخاوف بشأن اتساع دائرة الصدام وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى تداعيات سلبية على الاقتصاد العالمي ربما تصل في ذروتها إلى ركود عالمي وارتفاع قياسي لمعدلات التضخم من جديد، بل وربما نرى برميل النفط يتجاوز مستويات غير مسبوقة أعلى الـ150 دولارًا.

وفي غضون ذلك، حذرت وكالات تصنيف دولية على غرار موديز وبنوك عالمية على شاكلة جي بي مورغان ومؤسسات دولية من بينها صندوق النقد والبنك الدولي إضافة إلى منظمة التجارة العالمية من خطر اتساع دائرة الصراع الذي قد يجر المنطقة والعالم إلى تداعيات لا يتوقعها أحد.

الخطر الأكبر

ولعل النفط وممرات التجارة العالمية تبرز كونها أهم وأكثر المخاطر المباشرة للصراع الدائر في منطقة الشرق الأوسط، وذك لما للنفط من انعكاسات على أسعار الوقود وبالتالي معدلات التضخم التي تحرك البنوك المركزية وتدفع صانعي السياسة النقدية لاتباع نهج أكثر تشددًا يضر بمعدلات نمو الاقتصاد العالمي.

ووفقًا لتقارير دولية، تسيطر منطقة الشرق الأوسط وحدها على ثلث صادارت النفط العالمية بخلاف صادرات الغاز الطبيعي، جنبًا إلى جنب ووجود أهم ممر للملاحة العالمية.

أنابيب الغاز
أنابيب الغازشاتر ستوك
اتساع الصراع

ووفقًا لتقرير بلومبرغ، فإن الحرب في الشرق الأوسط يمكن أن تدفع الاقتصاد العالمي إلى الركود، حيث يتسبب هجوم حماس ورد إسرائيل في خسائر بشرية فادحة، وهو ما قد يتبع بعد ذلك بانكماش اقتصادي عالمي.

وعلى غرار حروب الشرق الأوسط الماضية، فإن الصراع بين إسرائيل وحماس الذي اندلع الأسبوع الماضي لديه القدرة على تعطيل الاقتصاد العالمي بل وحتى دفعه إلى الركود إذا تم جر المزيد من الدول إليه.

الصراع المندلع حديثا في غزة سيكون له تأثير كبير على تدفقات التجارة العالمية الضعيفة إذا اتسع نطاقه
نجوزي أوكونجو إيويالا
150 دولارًا للبرميل

ويستعد الجيش الإسرائيلي لغزو قطاع غزة رداً على هجوم تشنه حماس، في غضون ذلك تبرز المخاوف بشأن تدخلات من أطراف أخرى في لبنان وسوريا على غرار حزب الله.

وووفقًا لتقارير دولية فإن أي تصعيد أكثر حدة قد يدفع إسرائيل إلى صراع مباشر مع إيران، وفي هذا السيناريو، تشير تقديرات بلومبرغ إيكونوميكس إلى أن أسعار النفط قد ترتفع إلى 150 دولارًا للبرميل.

 العقوبات الأميركية سوق النفط
العقوبات الأميركية سوق النفطإرم الاقتصادية
2 تريليون دولار

إضافة إلى ذلك من المرجح أن ينخفض النمو العالمي إلى 1.7%، وهو الركود الذي يقتطع حوالي تريليون دولار من الناتج العالمي.

ويمكن للصراع في الشرق الأوسط أن يحدث هزة عنيفة في سوق الطاقة لأن المنطقة مورد حيوي للطاقة وممر شحن رئيسي.

وتُعَد الحرب العربية الإسرائيلية في عام 1973، والتي أدت إلى حظر النفط وسنوات من الركود التضخمي في الاقتصادات الصناعية، أوضح مثال على ذلك.

اقرأ أيضًا- الكريبتو بين الحظر والتقنين.. السعودية تحذر من مخاطر محتملة
اقتصاد ضعيف

وتأتي الحرب في وقت يبدو الاقتصاد العالمي اليوم ضعيفا، ولا يزال يتعافى من نوبة التضخم التي تفاقمت بسبب الأزمة بين روسيا وأوكرانيا.

ومن الممكن أن تؤدي حرب أخرى في منطقة منتجة للطاقة إلى إشعال التضخم من جديد، وقد تمتد العواقب الأوسع نطاقاً إلى اتساع موجة من الاضطرابات العالمية مع ارتفاع أسعار الوقود.

العالم قد يواجه أخطر الأوقات منذ عقود.. تأثير بعيد المدى للحرب على أسعار الطاقة والغذاء والتجارة الدولية
جيمي ديمون
كيف تتطور؟

بيد أن كل هذه التأثيرات المحتملة تعتمد على كيفية تطور الحرب خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة، ومن المرجح أن يأتي التأثير المحتمل على النمو العالمي والتضخم في ثلاثة سيناريوهات.

في الحالة الأولى، تظل الأعمال العدائية محصورة إلى حد كبير في غزة وإسرائيل.

وفي الحالة الثانية، يمتد الصراع إلى الدول المجاورة مثل لبنان وسوريا حيث توجد بعض القوى المدعومة من إيران مما يحوله بشكل أساسي إلى حرب بالوكالة بين إسرائيل وإيران.

والثالث ينطوي على التصعيد إلى تبادل عسكري مباشر بين العدوين الإقليميين، إسرائيل وإيران.

النفط
النفطرويترز
النتيجة واحدة

وفي كل هذه الحالات، تكون النتيجة واحدة وهى ارتفاع أسعار النفط، وارتفاع معدلات التضخم، وتباطؤ النمو ولكن الحجم مختلف وفقًا لكل سيناريو، حيث إنه كلما اتسع نطاق الصراع، أصبح تأثيره عالميًا وليس إقليميًا.

السيناريو الأول

وسيكون التأثير على الاقتصاد العالمي في ظل هذا السيناريو ضئيلًا، خاصة إذا قامت المملكة العربية السعودية والإمارات بتعويض البراميل الإيرانية المفقودة باستخدام طاقتهما الاحتياطية.

وفي مقابلة في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي في المغرب، قالت وزيرة الخزانة جانيت يلين "إنها لا ترى علامات على تأثيرات اقتصادية كبيرة في هذه المرحلة، ولكن من المهم للغاية ألا ينتشر الصراع".

اقرأ أيضًا- الصراع في الشرق الأوسط يهدد العالم بأكبر خطر منذ عقود
السيناريو الثاني

من شأن التصعيد أن يزيد من احتمال نشوب صراع مباشر بين إسرائيل وإيران، مما سيؤدي على الأرجح إلى ارتفاع أسعار النفط.

وفي الحرب القصيرة بين إسرائيل وحزب الله عام 2006، قفز سعر النفط الخام بمقدار 5 دولارات للبرميل.

لذا فإنه من المرجح في حال حدوث دخول أطراف أخرى من شأنه أن يرفع السعر بنسبة 10% إلى حوالي 94 دولارًا.

النفط الإيراني
النفط الإيرانيShutterstock
صدمتان

وفي السيناريو الثاني، يأتي التأثير الاقتصادي العالمي من صدمتين، الأولى في قفزة في أسعار النفط بنسبة 10%.

والثانية تحرك الأسواق المالية للعزوف عن المخاطرة تماشياً مع اتساع التوترات في منطقة الشرق الأوسط.

وفي الأيام القليلة الماضية، شهد مؤشر تقلبات الأسواق VIX زيادة ثماني نقاط، وهو مقياس يستخدم على نطاق واسع للنفور من المخاطرة.

توسع نطاق الحرب ودخول أطراف أخرى يؤدي لاقتصاد عالمي أضعف، وتزايد الضغوط التضخمية، وإضطراب الأسواق
محمد العريان
تأثير أوسع

وفي هذا السيناريو سينخفض النمو العالمي 0.3 نقطة مئوية على النمو العالمي في العام المقبل أي ما يعني فقدان نحو 300 مليار دولار من الناتج.

وهذا من شأنه أن يبطئ وتيرة النمو العالمي إلى 2.4%، وباستثناء أزمة كوفيد 2020 والركود العالمي في عام 2009، سيكون هذا أضعف نمو منذ ثلاثة عقود.

إضافة إلى أن ارتفاع أسعار النفط من شأنه أن يضيف نحو 0.2 نقطة مئوية إلى التضخم العالمي، مما يبقيه بالقرب من 6%، ويواصل الضغط على محافظي البنوك المركزية لإبقاء السياسة النقدية متشددة حتى في ظل النمو المخيب للآمال.

السيناريو الثالث

وهو حدوث مواجهة مباشرة يين ايران وإسرائيل ورغم أن هذا السيناريو منخفض الاحتمال، ولكنه خطير، ويمكن أن يكون سببا لركود عالمي.

ومن شأن ارتفاع أسعار النفط وانخفاض الأصول عالية المخاطر الخطرة أن يوجها ضربة قوية للنمو، وأن يدفعا التضخم إلى الارتفاع.

فلسطين وإسرائيل
فلسطين وإسرائيلشاتر ستوك
تقلبات عنيفة

في هذا السيناريو، فإن تزايد التوترات بين القوى العظمى من شأنه أن يزيد تقلبات الأسواق حيث إن الولايات المتحدة حليف وثيق لإسرائيل، في حين تعمل الصين وروسيا على تعميق العلاقات مع إيران.

ومن المرجح أن الأسعار سترتفع بشكل كبير، وقد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط إلى 150 دولاراً للبرميل.

وإضافة إلى ذلك قد يتأزم الموقف إذا قررت إيران إغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره خُمس إمدادات النفط العالمية اليومية.

وسيكون هناك أيضًا تحول أكثر تطرفًا في العزوف عن المخاطرة في الأسواق المالية، ربما يمكن مقارنته بارتفاع 16 نقطة في مؤشر VIX في عام 1990 عقب حرب الخليج.

انخفضت توقعات نمو تجارة السلع العالمية للنصف، مع ارتفاع التضخم وزيادة الفائدة وبطء نمو الاقتصاد الصيني والأزمة الأوكرانية
منظمة التجارة العالمية
خطر كبير

وقال جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لبنك جي بي مورغان تشيس: "العالم قد يواجه أخطر الأوقات منذ عقود".

وأضاف جيمي ديمون: "أن الصراع بين إسرائيل وغزة قد يكون له تأثيرات بعيدة المدى على أسعار الطاقة وتكاليف الغذاء والتجارة الدولية".

وقال ديمون: "إن الصراع المتصاعد يمكن أن يكون له تأثيرات بعيدة المدى على أسعار الطاقة وتكاليف الغذاء والتجارة الدولية والعلاقات الدبلوماسية".

وأضاف ديمون: "قد يكون للحروب التي تفاقمت في العالم بسبب هجمات الأسبوع الماضي في الشرق الأوسط إضافة للأزمة في أوروبا، تأثيرات بعيدة المدى".

وقالت رئيسة منظمة التجارة العالمية نجوزي أوكونجو إيويالا: "إن الصراع المندلع حديثا في غزة سيكون له تأثير كبير حقا على تدفقات التجارة العالمية الضعيفة بالفعل إذا اتسع نطاقه في المنطقة".

وحذرت أوكونجو إيويالا من أن حالة عدم اليقين عالميا تقلص بالفعل نمو التجارة، لكن ذلك سيتفاقم نتيجة الاندلاع المفاجئ للحرب بين إسرائيل وحركة حماس.

وتوقعت رئيسة منظمة التجارة أن يزيد العنف في الشرق الأوسط من العوامل التي تخنق نمو التجارة، بما في ذلك ارتفاع أسعار الفائدة وسوق العقارات الصينية المتأزمة والحرب الروسية في أوكرانيا.

قال الخبير الاقتصادي محمد العريان: "إذا توسع نطاق الحرب ودخلت أطراف أخرى، فإن التوقعات تشير إلى اقتصاد عالمي أضعف، والمزيد من الضغوط التضخمية، وستجد الأسواق صعوبة في التعامل مع ذلك".

وخفضت منظمة التجارة العالمية توقعاتها لنمو تجارة السلع العالمية هذا العام إلى النصف، مستندة إلى استمرار التضخم وارتفاع أسعار الفائدة وبطء نمو الاقتصاد الصيني والحرب في أوكرانيا.

اقرأ أيضًا- حرب الرقائق بين واشنطن وبكين تُجبر الكبار على طلب الإذن
اقرأ أيضًا- أوروبا والصين.. قنبلة موقوتة فتيلها عجز تجاري غير مسبوق

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com