آخر تمويل من البنك الدولي كان بقيمة 70 مليون دولار في مايو 1986
تنفيذ المشروع سيجري تحت مراقبة دولية
أكد وزير المالية السوري محمد يسر برنية، أن موافقة مجلس إدارة البنك الدولي على تقديم منحة بقيمة 146 مليون دولار لإصلاح خطوط نقل الكهرباء في سوريا، تمثّل أول مشروع تمويلي للبنك في البلاد منذ أربعة عقود تقريباً.
وأوضح في منشور عبر صفحته على «لينكد إن» أن المنحة مجانية بالكامل وليست قرضاً مسترداً، مشدداً على أن الحكومة السورية ستواصل العمل بمسؤولية، لضمان أهلية البلاد للحصول على مزيد من الدعم المالي الدولي في المستقبل.
بحسب ما أكده البنك الدولي في بيانه الرسمي الصادر أمس الأربعاء، فإن التمويل المقدم إلى سوريا يتم عبر المؤسسة الدولية للتنمية (IDA)، وهي ذراع البنك المختصة بتقديم التمويل الميسر والمنح للدول منخفضة الدخل والمتأثرة بالنزاعات.
وأكدت وثائق البنك أن هذه منحة غير قابلة للاسترداد، أي أنها لا تُرتب على الحكومة السورية أي التزامات مالية لاحقة، سواء على شكل أقساط أم فوائد .
ويُعد المشروع الذي حمل اسم «المشروع الطارئ للكهرباء في سوريا» أول خطوة للبنك في سوريا منذ مشروع صرف صحي بمدينة حلب أقره في مايو 1986 بقيمة 70 مليون دولار، ما يعكس كسراً فعلياً لحالة العزلة المالية الدولية التي كانت مفروضة على سوريا منذ عقود، بحسب أرشيف مشاريع البنك الدولي.
تشمل المنحة تمويل أعمال إعادة تأهيل خطوط نقل كهرباء بجهد 400 كيلو فولط، ومحطات تحويل فرعية، بما يساعد على إعادة ربط الشبكة السورية مع شبكتي الأردن وتركيا، وتحسين الاعتمادية الكهربائية في مناطق مكتظة بالسكان تشهد عودة النازحين تدريجياً.
كما ستُستخدم أجزاء من التمويل لبناء قدرات المؤسسات العامة السورية على إدارة الشبكة وتخطيط الاستثمارات طويلة الأمد، إلى جانب التزام الحكومة السورية بتطبيق معايير البنك الدولي في الحوكمة والشفافية والبيئة.
لتنفيذ المشروع، سيجري التعاون بين وزارة الكهرباء السورية والمؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء، إلى جانب تعيين شركة استشارية دولية كمراقب فني محايد (Owner’s Engineer) تشرف على سير العمل والمشتريات.
كما سيُكلَّف فريق مراقبة مستقل من البنك الدولي بمراجعة كل جوانب المشروع المالية والفنية، لضمان سلامة استخدام الأموال.
وأكد المدير الإقليمي للبنك الدولي في الشرق الأوسط، جان-كريستوف كاريه، أن هذه المنحة تمثل «استثماراً ضرورياً لتعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي» وهي بداية لخطة أوسع لدعم تعافي سوريا على المدى الطويل.
عبّر الوزير برنية عن أمله بأن تفتح هذه الخطوة الباب أمام مشاريع إضافية في مجالات أخرى مثل المياه، والزراعة، والصحة، والنقل، داعياً إلى استمرار التنسيق بين الوزارات السورية والمؤسسات الدولية لتفعيل مسار التعافي.
وفي ضوء المؤشرات السياسية والمالية المتسارعة، تبدو هذه المنحة أكثر من مجرد مشروع تقني، بل علامة تحول في علاقة سوريا بالمؤسسات المالية الدولية، ما قد يفتح الباب أمام دعم أكبر ضمن خارطة طريق إعادة الإعمار.
يُنظر إلى تمرير هذه المنحة على أنه نتاج تحولات سياسية بارزة خلال الفترة الماضية.
ولعبت دول الخليج، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وقطر، دوراً حاسماً في تسوية متأخرات سوريا المستحقة للبنك الدولي، والتي كانت عائقاً تقنياً أمام تقديم أي تمويل جديد، فقد أعلن البنك الدولي في مايو 2025 أن سوريا أصبحت مؤهلة لتلقي منح إضافية بعد سداد حوالي 15.5 مليون دولار من المتأخرات عبر دعم خليجي مباشر .
بالتوازي، بدأت الإدارة الأميركية برفع تدريجي للعقوبات المفروضة على سوريا، بما في ذلك إعفاءات محددة لقوانين مثل «قيصر»، ما أزال القيود التي كانت تمنع أي تعاون تمويلي دولي مع دمشق.