نخطط لرفع إسهام السياحة إلى 40% من الناتج المحلي في 5 سنوات
مليون ونصف زائر دخلوا سوريا بين ديسمبر ويونيو ونتوقع الضعف 2025
في خطوة تُعيد تموضع سوريا على خريطة الاستثمار السياحي الإقليمي، أكد معاون وزير السياحة السوري، غياث الفراح، أن الوزارة فتحت رسمياً الباب أمام المستثمرين المحليين والعرب والأجانب لتملك أراضٍ مخصصة للمشاريع السياحية، ضمن إطار من التسهيلات غير المسبوقة على مستوى التراخيص والبنية التحتية.
وأشار الفراح إلى أن الترويج للغنى الثقافي والتاريخي الذي تتمتع به سوريا يُعد عنصراً أساسياً في استعادة الثقة بالقطاع، وهو ما يسبق بطبيعته أي عودة واسعة للقدوم السياحي.
وأوضح أن الوزارة أتمت تجهيز ملفات شاملة للمشاريع الاستثمارية المتاحة في مختلف المحافظات السورية من النواحي التنظيمية والتخطيطية والقانونية، ويجري التحضير حالياً لعقد ملتقى وطني للاستثمار السياحي خلال الفترة القريبة القادمة، سيُطرح فيه عدداً كبيراً من المشاريع الجاهزة مباشرة أمام المستثمرين من الداخل والخارج.
أكد الفراح أن هذه المشاريع تشمل إنشاء مدن سياحية جديدة على الساحل السوري، إلى جانب إعادة تأهيل الفنادق والمنشآت القائمة بما يتماشى مع المعايير السياحية المعتمدة في دول الجوار.
وفي السياق ذاته، أكد أن مذكرة التفاهم التي تم توقيعها مع تجمع شركات سعودية وقطرية لاستثمار عدد من المواقع السياحية وإعادة تشغيل منشآت وفنادق سورية مغلقة، من المتوقع أن تتجاوز قيمة هذه الاستثمارات المليار دولار، مع بقاء الباب مفتوحاً لتوسيع نطاق المواقع المشمولة، مضيفاً أن المنشآت الجديدة ستتم مباشرة العمل بتنفيذها قبل نهاية العام الحالي.
أما فيما يخص تأثير العقوبات الدولية، فقد بيّن الفراح أن هذه العقوبات شكلت عائقاً حقيقياً أمام الاستثمار السياحي، خصوصاً فيما يتعلق بتحويل الأرباح ومنع الشركات العالمية من الدخول إلى سوريا. إلا أن رفع هذه العقوبات مؤخراً أعاد فتح الباب أمام دخول شركات إدارة عالمية كبرى، وأعاد الاهتمام الدولي بالاستثمار في السياحة السورية، خاصة من جانب علامات فندقية كبرى كانت ممنوعة سابقاً.
وأكد الفراح أن قانون الاستثمار السوري الذي تتم دراسته، سيضمن تسهيلات كبيرة جداً للمستثمرين، ليس فقط على مستوى الإعفاءات الضريبية والجمركية، بل يشمل أيضاً تبسيطاً للإجراءات الإدارية وتسريع الحصول على تراخيص البناء والإنشاء.
ولفت إلى أن «المجلس الأعلى للسياحة» عاد للعمل بكامل فعاليته، بعد أن كان معطلاً خلال الفترة السابقة، مشدداً على أن القرارات السورية الاستثمارية اليوم تقدم ميزات غير موجودة حتى في دول رائدة في هذا القطاع.
ورأى الفراح أن عودة العلاقات مع الدول العربية، وعلى رأسها دول الخليج، تعني عملياً عودة السياحة إلى سوريا. وأضاف أن الوزارة تخطط لتنظيم فعاليات ومؤتمرات في عدد من الدول العربية والأجنبية، للترويج للمطبخ السوري والمواقع السياحية والتاريخية، ولتفعيل الشراكات مع وكالات السياحة والسفر حول العالم.
أكد الفراح أن هناك إقبالاً كبيراً للزوار من الخارج لزيارة سوريا؛ ما أدى إلى صعوبة إيجاد غرفة فندقية شاغرة في فنادق دمشق في الفترة الأخيرة، وأشار إلى أن نسب الإشغال في بعض المناطق السياحية وصلت إلى ما يقارب 100%، وهو ما دفع الوزارة للعمل بوتيرة متسارعة لإعادة تأهيل الفنادق المغلقة وإنشاء منشآت جديدة تستوعب الأعداد المتزايدة، حيث هناك تحد كبير في العرض والطلب.
وبشأن الأرقام، أوضح الفراح أن سوريا استقبلت منذ بداية التحرير وحتى يونيو أكثر من مليون ونصف المليون زائر، ويتوقع أن يتضاعف هذا الرقم ليصل إلى أكثر من ثلاثة ملايين بنهاية العام.
وأكد أن الوزارة تسعى لرفع مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي من 14% قبل الأزمة إلى أكثر من 40% خلال السنوات القادمة، مشيراً إلى أن ذلك سيتم عبر دعم الحرف التقليدية، وتطوير منظومة الإنفاق السياحي، وزيادة التدفقات النقدية الأجنبية، وخلق بيئة تحفيزية جاذبة.
وعند الحديث عن تنويع أنماط السياحة، أوضح الفراح أن سوريا تعمل حالياً على تنشيط السياحة الثقافية والدينية بالتعاون مع وزارة الثقافة، من خلال إعداد أدلة وأفلام ترويجية لتسليط الضوء على المزارات والأماكن الأثرية والدينية المنتشرة في البلاد. كما أشار إلى أن الوزارة تتجه بقوة نحو تطوير السياحة العلاجية بالتعاون مع وزارة الصحة ونقابات الأطباء، حيث يتم اعتماد مراكز طبية وسياحية لتقديم خدمات علاجية وتجميلية ضمن بيئة مجهزة وآمنة، مؤكدًا أن المرحلة المقبلة ستشهد ولادة نمط سياحي منظم جديد على مستوى البلاد.
وفي ما يخص الجدل الأخير حول الشواطئ، أوضح معاون الوزير أن ما تم تداوله حول «منع ارتداء نوع معين من الملابس» كان محرفاً عن الواقع. وأكد أن القرار لم يتضمن أي منع، بل تنظيماً فقط للفصل بين الشواطئ التي يرتادها من يرتدي لباساً محتشماً «كالبوركيني»، وتلك المفتوحة للجميع.
وأشار إلى أن من يرتدي لباساً غربياً لن يُمنع من الدخول، لكنه قد لا يشعر بالارتياح في مكان مختلف عن نمطه، ولهذا الغرض فقط جرى تنظيم المواقع، وليس فرض قيود.
كما شدد على أن القرار يشمل جانباً يتعلق بالسلامة، من خلال إلزام من يغادر منطقة السباحة بارتداء الملابس المناسبة للصدر والجسم، ضمن تعليمات تتعلق بالنظام العام والذوق والخصوصية.
وأكد الفراح أن الوزارة تعمل وفق رؤية شاملة تتكامل فيها الجهود الحكومية والأمنية والاقتصادية، وأن المرحلة المقبلة ستشهد تحولات نوعية في بنية القطاع السياحي، ليستعيد مكانته على خريطة السياحة العالمية.
يرى معاون وزير السياحة السوري، غياث الفراح، أن ما تمتلكه سوريا من تنوع ثقافي وتاريخي وحضاري يؤهلها لأن تكون إحدى أبرز الوجهات السياحية في الشرق الأوسط والعالم. هذا الرصيد الغني، بحسب الفراح، يشكل حجر الأساس في استراتيجية الوزارة لإعادة بناء القطاع، وهي استراتيجية شاملة تقوم على خمسة محاور رئيسة: تعزيز الاستقرار الأمني، تأهيل البنية التحتية، ترميم المواقع الأثرية، تشجيع الاستثمار، وتكثيف الترويج السياحي داخلياً وخارجياً.
وفي ختام حديثه مع «إرم بزنس»، شدد الفراح على أن الأمن هو القاعدة التي تُبنى عليها كل مقومات السياحة، مؤكداً وجود تنسيق مستمر مع وزارتي الداخلية والدفاع لتأمين المواقع السياحية بشكل كامل. كما لفت إلى أن الوزارة تعمل على إعادة تأهيل المواقع الأثرية المتضررة، وتطوير المسارات واللوحات الطرقية، إلى جانب إطلاق حملات ترويجية تُبرز وجه سوريا التاريخي والحضاري.
ومع عودة الاستقرار الأمني إلى أغلب المناطق السورية، تستعد الوزارة لتخريج دفعات جديدة من «الشرطة السياحية» للمساهمة في ضبط وتنظيم المواقع السياحية، في وقت يجري فيه تطوير البنية التحتية للمطارات، وشبكات النقل، والفنادق، والخدمات العامة. ويجري كذلك تسهيل إجراءات الدخول عبر تأشيرات مرنة ومنظومة تنسيق موسّعة بين الجهات المعنية.