logo
اقتصاد

انفصال أميركا وأوروبا عن الصين لا يزال أمرا صعب التحقيق

انفصال أميركا وأوروبا عن الصين لا يزال أمرا صعب التحقيق
تاريخ النشر:1 أغسطس 2023, 11:58 ص
تختلف سياسة الرئيس الأميركي جو بايدن الاقتصادية بشكل حاد عن سياسيات الرئيس السابق دونالد ترامب، إلا أنهما في ذات السياق فيما يخص مخاطر التجارة مع الصين، ولديهما تردد تجاه العولمة التي يقودها السوق.

وأبقى الرئيس الأميركي جو بايدن على الرسوم الجمركية مقابل تجارة الواردات الصينية، التي فرضت في عهد ترامب، بينما تسعى إدارة بايدن لترتيب التعاون من أجل توحيد معايير العمل والبيئة والصناعة وتمكين المرأة والأقليات ومكافحة التغير المناخي.

ووصفت القيود الأميركية على صادرات التكنولوجيا الفائقة للصين، والسياسات التصنيعية للسيارات والطاقة الخضراء على أنها هجمات على نظام التجارة العالمي.

ومن نهاية الحرب العالمية الثانية، حتى عام 2009، ارتفعت حصة التجارة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي من 20% إلى 61% ومنذ ذلك الحين تراوحت عند نطاق 57%، ولا تزال التجارة والاستثمار الأميركي مع الصين في تزايد، إلا أنها بوتيرة أبطأ.

وأصرت الإدارة الأميركية على أنها تسعى لتقليل المخاطر التجارية وليس الانفصال عن التجارة المشتركة التي تعود بالنفع على الجانبين، وستسعى الولايات المتحدة إلى الارتباط الاقتصادي، الذي يعكس حساسية أكبر للضعف الذي تشكله سلاسل التوريد والمنافسة العسكرية.

وتلهم الاضطرابات التي تسببت بها جائحة كوفيد، إلى جانب تغير المناخ، وتطور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، إدارة بايدن للسعي إلى ترتيبات تعاونية تهدف إلى تعزيز المرونة مع الحلفاء في منطقة المحيط الهادئ، ومجلس التجارة والتكنولوجيا بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والاتفاقيات الثنائية مثل تايوان.

ولكن في نفس الوقت في حال لم تقدم الإدارة الأميركية العديد من التسهيلات للوصول للأسواق من خلال خفض التعريفات الجمركية، فإن الأهداف ستبدو حمائية، ويتطلب تعزيز التجارة بأس وسيلة إضافة العديد من المزايا النسبية، وفرض تعديلات على سوق العمل، وعقد الاتفاقيات التجارية التي تحمي العمال ووظائف النقابات.

وتتضمن السياسة الأميركية لتقليل مخاطر النفوذ الصيني ثلاثة مكونات، وهي تقييد نقل التكنولوجيا الحديثة إلى الصين، على سبيل المثال من خلال تصدير التي تساهم في تصنيع الرقائق من الولايات المتحدة واليابان وهولندا، والتي يمكن أن تقلص ميزات أميركا في الأسلحة العسكرية المتقدمة.

والحد من النفوذ الاستراتيجي للصين، حيث أصبحت مورداً مهيمناً للعديد من السلع كالمعادن ومعالجة الليثيوم وألواح الطاقة الشمسية.

والتنويع في الواردات لتقييد مخاطر اضطرابات التجارة التي قد تنجم عن الحروب والأوبئة والكوارث الطبيعية.

وألحقت استجابة لفيروس كورونا، ضرراً بسمعتها كمورد عالمي موثوق فيه، وبعد تكبد الخسائر نتيجة التخلي عن الاستثمارات في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، تتجه الشركات المتعددة الجنسيات نحو تنويع مصادرها وليس الاعتماد على الصين بشكل كامل.

على سبيل المثال، تعمل شركة آبل على تطوير سلسلة قيمة جديدة في الهند وتسعى إلى إعادة توطين بعض المكونات كمسألة بسيطة من إدارة المخاطر التجارية للشركات.

وفي ضوء هذا كله، فإن قدرة سياسة الحكومة الأميركية ومداها محدودان، فقانون الأمن القومي الجديد في الصين يضع الشركات الغربية في خطر المحاكمة الجنائية بسبب جمع المعلومات التجارية العادية اللازمة لاتخاذ قرارات تجارية سليمة.

واستجوبت السلطات الصينية مؤخرًا موظفي شركة الاستشارات الأميركية باين أند.

وتقوم أكبر المؤسسات المالية الأميركية بقيادة جي بي مورغان تشيس، بتقليل التعرض في الصين، لكن العديد من الشركات المتعددة الجنسيات لا يمكنها تجاهلها، فالصين تمتلك حصة 18.5% من الناتج الإجمالي العالمي حسب قوة الشراء.

وفي نفس الوقت تواجه ألمانيا التي تعد الأهم تجارياً في الاتحاد الأوروبي، تحديات أكبر من الولايات المتحدة في الانتقال من الوقود الأحفوري والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات الرقمية الأخرى، وهي تعتمد بشكل كبير على التصدير للصين.

وتمثل شركات باسف ودايملر وفولكسفاغن وبي إم دبليو 34% من جميع الاستثمارات المباشرة الأوروبية في الصين وتعارض بقوة نداءات المستشار الألماني أولاف شولتز للانتقال بعيدًا عن الصين.

والاستثمار غالبًا ما يكون بديلاً للتجارة، ولكن الحد من الصادرات لا قيمة له، فإذا قامت الشركات الغربية ببناء منشآت في الصين لخدمة أسواقها. بينما تسعى إدارة بايدن لتطوير برنامج لفحص الاستثمار للشركات الأميركية، فإن الاتحاد الأوروبي من الواضح أنه ليس ميالًا للذهاب بعيدًا في قمع تدفقات رؤوس الأموال إلى الصين.

وقد يكون الاكتفاء الذاتي الافتراضي، الطريقة الوحيدة لحرمان الصين وروسيا مما تحتاجان إليه، على سبيل المثال، يمكن لروسيا استخدام رقائق عادية لصنع أجهزة المنزل لصنع الأسلحة، حتى مع أفضل ضوابط الصادرات، سيكون قطع الصين عما تحتاج إليه لصنع أفضل الأسلحة أو عزل الغرب من المخاطر الجيوسياسية للتجارة تحدياً كبير جدًا.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC