logo
اقتصاد

من النفط إلى الذكاء الاصطناعي.. «الخليج العربي» في قلب أجندة ترامب

من النفط إلى الذكاء الاصطناعي.. «الخليج العربي» في قلب أجندة ترامب
الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مطار الملك خالد الدولي بالعاصمة السعودية الرياض يوم 13 مايو 2025المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:13 مايو 2025, 08:39 ص

في ظل تسارع المتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية على الساحة الدولية، تكتسب جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في منطقة الخليج، التي بدأها اليوم من العاصمة السعودية الرياض، وتشمل لاحقاً الإمارات وقطر، أهمية استثنائية.

فالزيارة تعكس بوضوح تنامي الثقل الاقتصادي لدول الخليج على خارطة المصالح الأميركية، وتشير إلى توجه استراتيجي لتعزيز الشراكات العابرة للحدود، لاسيما في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والاستثمار.

ووفق خبراء لـ«إرم بزنس» فإن الزيارة تمثل منعطفاً محورياً في مسار التعاون الاقتصادي بين الجانبين، كونها تحمل في طياتها فرصاً استراتيجية لزيادة الاستثمارات المتبادلة، وفتح آفاق جديدة للتكنولوجيا والطاقة المتجددة؛ ما يعزز مساعي التحول الاقتصادي في المنطقة وبدء مرحلة جديدة من الشراكة التي تتجاوز المصالح الآنية نحو بناء مستقبل اقتصادي أكثر استدامة وابتكاراً.

تحديات متزايدة

تأتي جولة ترامب في ظل تحديات اقتصادية متزايدة، حيث تسببت السياسات التجارية المتشددة التي تبناها ترامب، وعلى رأسها فرض رسوم جمركية على عدد من الواردات، في إرباك سلاسل الإمداد العالمية وتصاعد التوترات بين واشنطن وشركائها التجاريين ما أدى إلى تراجع مؤشرات النمو الاقتصادي، حيث سجّل الاقتصاد الأميركي أول انكماش فصلي منذ أكثر من ثلاث سنوات؛ ما أثار مخاوف الأسواق بشأن إمكانية دخول الولايات المتحدة في حالة تباطؤ اقتصادي أعمق.

ولفت رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية الدكتور رشاد عبده، في حديث مع «إرم بزنس»، إلى أن الزيارة تبرهن على الأهمية المتزايدة التي توليها واشنطن لمنطقة الخليج كحاضنة للفرص الاقتصادية والتجارية، حيث ترتبط مع دول مجلس التعاون بعلاقات سياسية واقتصادية قوية في تنامٍ مستمر.

وتطرق إلى رغبة الطرفين بصنع نموذج جديد من التعاون يوازن بين المصالح الاقتصادية والأمن الإقليمي؛ ما يفتح الباب أمام مرحلة استثمارية غير مسبوقة، حيث تؤكد التحركات الأميركية الأخيرة رغبة واشنطن بإعادة تموضعها داخل الأسواق الخليجية، خاصة في ظل التنافس مع قوى اقتصادية صاعدة مثل الصين والهند.

وبحسب أحدث بيانات متوفرة على المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بلغ حجم التبادل التجاري لدول المجلس مع الولايات المتحدة 94.7 مليار دولار في العام 2022، بزيادة قدرها 34.1% على أساس سنوي.

وتعتبر الولايات المتحدة ثاني أكبر شريك تجاري لدول مجلس التعاون الخليجي، بعد الصين، وتساهم صادرات دول الخليج في استقرار أسواق الطاقة العالمية وسلاسل الإمداد بالوقود والزيوت المعدنية والألومنيوم والذهب والمعادن الثمينة والأحجار الكريمة، بينما تستورد دول الخليج الآلات والمعدات والسيارات والطائرات وقطع غيارها والأجهزة الكهربائية.

أخبار ذات صلة

ترامب في الخليج.. 5 ملفات اقتصادية بالصدارة وصفقات مليارية مرتقبة

ترامب في الخليج.. 5 ملفات اقتصادية بالصدارة وصفقات مليارية مرتقبة

النفط في قلب المحادثات

يسعى ترامب خلال زيارته إلى دول الخليج لمكاسب اقتصادية، أهمها خفض أسعار النفط، والتي يرى أنها تسهم بشكل مباشر في تفاقم معدلات التضخم داخل الولايات المتحدة؛ ما يُشكّل تحدياً اقتصادياً واستراتيجياً لإدارته، ومن ثم يستهدف التوصل إلى تفاهمات مع قادة الخليج، خاصة السعودية، بصفتها لاعباً رئيساً في سوق النفط العالمي، لإحداث توازن في العرض والأسعار، بما يخدم المصالح المشتركة للطرفين.

وكانت بعض الدول المنتجة أعلنت عن زيادة الإنتاج تمهيداً للمفاوضات، لكن هذه الخطوة تتطلب موازنة دقيقة بين المصالح الأميركية وأهداف الدول الخليجية التنموية التي تعتمد على أسعار نفط مرتفعة.

ولن تقتصر المحادثات على الوقود الأحفوري فقط، بل ستمتد إلى ملف الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر واحتجاز الكربون، في ظل تزايد أهمية التحول المناخي في أجندات دول الخليج.

وتعتبر دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإمارات، من أبرز المنتجين القادرين على التأثير الفوري في أسعار الخام.

وبحسب تقرير صادر عن وزارة الطاقة السعودية، فإن المملكة تدرس ضخ 500 ألف برميل إضافية يومياً خلال النصف الثاني من 2025، في حال استقرت الأسعار فوق 75 دولاراً.

فرص اقتصادية كبرى

بحسب الباحث الاقتصادي الأردني عامر الشوبكي، فإن هناك توافقاً خليجياً داخلياً على ألا يُستخدم النفط كورقة ضغط سياسية، ولكن أيضاً لا يمكن تجاهل البُعد الجيوسياسي للعلاقات مع واشنطن، خصوصاً في ظل التحديات الإقليمية.

 ولفت إلى أن ترامب سيركز على تحويل بوصلة صناديق الثروات السيادية الخليجية إلى استثمارات ضخمة في الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يعلن عن صفقات في قطاعات الطاقة، والبنية التحتية، والتكنولوجيا.

وتعهدت السعودية باستثمار 600 مليار دولار، فيما يسعى ترامب لرفع الرقم إلى تريليون دولار، كما أعلنت الإمارات التزاماً باستثمار 1.4 تريليون دولار خلال 10 سنوات وفق ما أعلنه البيت الأبيض، وهي أمور من شأنها مساعدة ترامب في توجيه رسائل إلى الداخل الأميركي بأن أجندته المتمثلة في شعار «أميركا أولاً» تؤتي ثمارها حيث تستخدم هذه الاستثمارات لتقوية الموقف الداخلي لترامب عبر إثبات نجاح سياساته الاقتصادية في خلق الوظائف وتحفيز النمو.

أخبار ذات صلة

زيارة ترامب للخليج.. هل تُعيد ضبط ميزان المصالح؟

زيارة ترامب للخليج.. هل تُعيد ضبط ميزان المصالح؟

الخليج مركز تكنولوجي عالمي

يُتوقع أن تتصدر المحادثات بحث الاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات، فدول الخليج تسعى إلى شراكة استراتيجية مع شركات التكنولوجيا الأميركية لنقل المعرفة وبناء مراكز أبحاث مشتركة، فقد ألغى ترامب مؤخراً قرارات فرضها الرئيس السابق جو بايدن على صادرات الرقائق؛ ما يمهّد الطريق أمام شراكات أعمق مع الخليج في صناعة المستقبل.

وبحسب تقرير لصندوق الاستثمارات العامة السعودي نهاية 2024، فإن المملكة خصصت 320 مليار دولار للاستثمار في الخارج حتى 2030، منها 40% ستوجه إلى الاقتصاد الأميركي، خاصة في قطاعات التكنولوجيا والرعاية الصحية والبنية التحتية.

وتشير وثائق رسمية نشرتها وسائل إعلام أميركية، إلى اتفاق أولي بين السعودية وشركات أميركية مثل (NVIDIA) و(AMD) و (Oracle) لتوفير بنية تحتية متطورة لتقنيات الذكاء الاصطناعي، ضمن خطة «مدينة المعرفة» في نيوم.

استثمار في المستقبل

من المتوقع أن يتم الاتفاق على إنشاء مركز بيانات ضخم في الرياض باستثمارات مشتركة تصل إلى 3.8 مليار دولار، ونقل خبرات تدريب نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) إلى مهندسين سعوديين وإماراتيين، وتوفير حلول حوسبة سحابية بمواصفات أميركية داخل الخليج للحد من الاعتماد على آسيا.

وبحسب الخبير الاقتصادي السعودي فضل البوعينين، فإن هذه الاستثمارات ليست مجرد تعاون تقني، بل استثمار في المستقبل الرقمي للمنطقة، فمن يمتلك الذكاء الاصطناعي في 2030 سيمتلك الاقتصاد.

السياسة تدعم الاقتصاد

نقل إعلام أميركي أن الوفد المرافق لترامب سيناقش خلال الزيارة ملفات حساسة متعلقة بصفقات الدفاع والأمن السيبراني، ويتوقع الإعلان عن عقود مليارية تشمل صفقات تسليح متقدمة تتضمن أنظمة دفاع جوي وصواريخ باتريوت، ومشاريع أمن سيبراني مشتركة بين «وكالة الأمن القومي الأمريكي» و«مركز الأمن الوطني السعودي»، وتدريب متخصصين خليجيين في منشآت عسكرية وتكنولوجية أميركية.

وأوردت «نيويورك تايمز» عن الاقتصادي في «سيتي غروب» إلين باول، أن الولايات المتحدة تستخدم الاقتصاد كرافعة دبلوماسية، وأن التحالفات الجديدة تُبنى على البيانات والبرمجيات، بالإضافة للنفط والسلاح.

ويشمل الوفد المرافق لترامب كبار المستثمرين في «وول ستريت« ووادي السيليكون، حيث من المرتقب عقد منتدى استثماري سعودي أميركي في الرياض، بمشاركة رؤساء تنفيذيين من شركات «بلاك روك»، و«بالانتير»، و«سيتي غروب»، و«آي بي إم»، و«كوالكوم»، و«ألفابت»، و«فرانكلين تمبلتون».

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC