أوروبا تسعى إلى تخفيف الضغط بعد التعريفات
ترامب يتعنت في مفاوضت الرسوم الجمركية
يجتمع مبعوثو الاتحاد الأوروبي الأسبوع الجاري لصياغة خطة تتضمن تدابير للرد على سيناريو محتمل يتمثل في عدم التوصل إلى اتفاق مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي يُنظر إلى موقفه التفاوضي بشأن الرسوم الجمركية على أنه بات مُتشدداً قبل الموعد النهائي المُحدّد في الأول من أغسطس.
في الوقت ذاته يبدو أن أوروبا قد تكون مضطرة إلى التصعيد مع واشنطن واستخدام أقوى أسلحة الردع التجاري لديها والمعروف بـ«أداة مكافحة الإكراه».
تتجه الصين وأوروبا إلى مزيد من التقارب والتعاون، في ظل ضغوط أميركية متزايدة على دول الاتحاد بشأن التعريفات الجمركية، التي فرضتها إدراة الرئيس الأميركي خلال أبريل الماضي، في غضون ذلك أكدت الصين أن كبار قادة الاتحاد الأوروبي سيزورون الصين الخميس المقبل لعقد قمة تبحث تسوية سلسلة من النزاعات التجارية بين الشريكين الرئيسين.
قالت الخارجية الصينية في بيان اليوم الاثنين وفقاً للاتفاق بين الصين والاتحاد الأوروبي: «سيزور رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الصين في الـ24 من يوليو».
وأضافت الوزارة أن الرئيس شي جين بينغ سيلتقي بهما، ويترأس رئيس مجلس الدولة لي تشيانغ بمشاركة الزعيمين الأوروبيين القمة الـ25 بين الصين والاتحاد الأوروبي.
كما تتزامن القمة مع الذكرى الـ50 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين بكين وبروكسل، لكنها تأتي بعد تبادل الجانبين انتقادات لِما يعتبره كل منهما انتهاكاً لمبادىء التجارة العادلة.
قال رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا في بيان إن القمة فرصة للتواصل مع الصين على أعلى مستوى وإجراء مناقشات صريحة وبنّاءة حول القضايا التي تهم الجميع.
أضاف رئيس المجلس الأوروبي: «نريد حواراً وتفاعلاً حقيقياً وتقدماً ملموساً. نهدف إلى علاقة عادلة ومتوازنة تحقق مصالح الطرفين».
في حين قالت فون دير لاين هذا الشهر: إن الاتحاد الأوروبي سيسعى إلى إعادة التوازن في العلاقات الاقتصادية مع بكين من خلال مطالبتها بتسهيل وصول الشركات الأوروبية إلى أسواقها وتخفيف ضوابط تصدير المعادن النادرة.
بالتزامن، ردت الخارجية الصينية بحض الاتحاد على التعامل بشكل سليم مع الخلافات والاحتكاكات وبناء فهم أكثر موضوعية وعقلانية للصين.
في غضون ذلك يرغب عدد متزايد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في أن يُفعّل الاتحاد أقوى أدواته التجارية، وهي ما يُسمى بأداة مكافحة الإكراه، ضد الولايات المتحدة في حال فشل الجانبين في التوصل إلى اتفاق مقبول، ونفذ ترامب تهديداته بفرض رسوم جمركية.
وتمنح أداة مكافحة الإكراه المسؤولين صلاحيات واسعة لاتخاذ إجراءات انتقامية، قد تشمل هذه الإجراءات فرض ضرائب جديدة على شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة، أو فرض قيود مُستهدفة على الاستثمارات الأميركية في الاتحاد الأوروبي.
كما قد تشمل تقييد الوصول إلى أجزاء مُعينة من سوق الاتحاد الأوروبي، أو منع الشركات الأميركية من التقدم بعطاءات للحصول على عقود عامة في أوروبا.
صُممت أداة مكافحة الإكراه في المقام الأول كرادع، وإذا لزم الأمر، كوسيلة للرد على الإجراءات القسرية المُتعمدة من الدول الثالثة التي تستخدم التدابير التجارية كوسيلة للضغط على خيارات السياسة السيادية للاتحاد المُكون من 27 دولة أو الدول الأعضاء فرادى.
كتب الرئيس الأميركي إلى الاتحاد الأوروبي في وقت سابق من الشهر الجاري، محذراً من أن الاتحاد سيواجه تعريفة جمركية بنسبة 30% على معظم صادراته اعتبارا من الـ1 من أغسطس.
إلى جانب فرض ضريبة شاملة، فرض ترمب ضريبة بنسبة 25% على السيارات وقطع غيار السيارات، وضعف هذه النسبة على الصلب والألمنيوم.
كما هدد باستهداف الصناعات الدوائية وأشباه الموصلات برسوم جمركية جديدة في وقت مبكر من الشهر المقبل، وأعلن أخيراً فرض ضريبة بنسبة 50% على النحاس.
إجمالاً، يُقدّر الاتحاد الأوروبي أن الرسوم الجمركية الأمريكية تشمل بالفعل 380 مليار يورو (442 مليار دولار)، أو نحو 70%، من صادراته إلى الولايات المتحدة.
قبل رسالة ترمب، كان الاتحاد الأوروبي يأمل في الاقتراب من الاتفاق على إطار عمل أولي يسمح بمواصلة المناقشات المفصلة على أساس معدل عالمي قدره 10% على العديد من صادرات الاتحاد.
يسعى الاتحاد الأوروبي إلى الحصول على استثناءات أوسع من تلك التي تُقدّمها الولايات المتحدة، بالإضافة إلى سعيه إلى حماية الاتحاد من الرسوم الجمركية القطاعية المُستقبلية.
قالت فون دير لاين أن أي اتفاق سيكون غير مُتكافئ لصالح الولايات المتحدة، فإن الاتحاد الأوروبي سيُقيم الاختلال العام في أي اتفاق قبل أن يقرر ما إذا كان سيتخذ أي تدابير لإعادة التوازن.
مع تضاؤل احتمالات التوصل إلى نتيجة إيجابية واقتراب الموعد النهائي، من المتوقع أن يبدأ الاتحاد الأوروبي في إعداد خطة للتحرك بسرعة إذا لم يتمكن من التوصل إلى اتفاق.
يرجح أن تثير أي تدابير مضادة جوهرية خلافاً تجارياً أوسع عبر الأطلسي، نظراً لتحذيرات ترمب من أن الرد ضد المصالح الأميركية لن يؤدي إلا إلى صدور إجراءات أكثر صرامة من إدارته.
من جانبه وافق الاتحاد الأوروبي بالفعل على فرض رسوم جمركية محتملة على سلع أميركية بقيمة 21 مليار يورو، والتي يمكن تطبيقها بسرعة رداً على رسوم ترمب على المعادن.
تستهدف هذه الرسوم ولايات أميركية حساسة سياسياً، وتشمل منتجات، مثل: فول الصويا من لويزيانا، موطن رئيس مجلس النواب مايك جونسون، ومنتجات زراعية أخرى، الدواجن، والدراجات النارية.
أعد الاتحاد الأوروبي أيضاً قائمة رسوم جمركية على منتجات أميركية إضافية بقيمة 72 مليار يورو رداً على ما يسمى بالرسوم المتبادلة ورسوم السيارات التي فرضها ترامب.
ستستهدف هذه الرسوم السلع الصناعية، بما في ذلك طائرات «بوينغ»، والسيارات أميركية الصنع، كما يعمل الاتحاد الأوروبي على إجراءات محتملة تتجاوز الرسوم الجمركية، مثل: ضوابط التصدير، وقيود عقود المشتريات العامة.
قال وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك أمس الأحد إنه واثق من قدرة الولايات المتحدة على إبرام اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي، لكنه أوضح أن الأول من أغسطس مهلة صعبة لبدء تطبيق الرسوم الجمركية.
أضاف لوتنيك أنه كان أنهى اتصالاً هاتفياً مع المفاوضين التجاريين الأوروبيين، وأن هناك مجالاً واسعاً للاتفاق، وتابع وزير التجارة الأميركي تعليقاً على المفاوضات: «هذان أكبر شريكين تجاريين في العالم، يتحدثان مع بعضهما البعض، سنتوصل إلى اتفاق، أنا واثق من أننا سنبرم اتفاقاً».