لم تشهد أسعار النفط تحركاً كبيراً عقب الضربة التي وجهتها الولايات المتحدة إلى إيران صباح الأحد، إذ يبدو أن الأسواق تستبعد حتى الآن سيناريو التصعيد الخطير، ولا سيما إغلاق مضيق هرمز الذي يعبر منه نحو 20% من تجارة النفط العالمية.
شهدت أسعار النفط ارتفاعاً طفيفاً مع بداية تعاملات الاثنين، لكنها عادت سريعاً للاستقرار قرب 77 دولاراً لبرميل خام «برنت» القياسي، بل تراجعت لفترة وجيزة إلى المنطقة السلبية.
حتى اللحظة، لم تُسجَّل أي اضطرابات في حركة ناقلات النفط عبر مضيق هرمز، الممر البحري الحيوي الذي يربط الخليج العربي ببحر عمان.
وقالت إيبك أوزكارديسكايا، محللة لدى «سويسكوت بنك» لوكالة الأنباء الفرنسية، إن «صور الأقمار الصناعية تظهر استمرار حركة شحن النفط»، وهو ما يفسّر «رد الفعل المعتدل» للأسواق. ويمرّ يومياً أكثر من 20 مليون برميل من النفط الخام عبر هذا المضيق، أي ما يعادل خُمس الإمدادات العالمية وثلث حركة تجارة النفط المنقولة بحراً، معظمه متجه إلى الأسواق الآسيوية.
يُعد هذا المضيق من أكثر الممرات البحرية هشاشة نظراً لضيقه البالغ نحو 50 كيلومتراً وعمقه المحدود الذي لا يتجاوز 60 متراً.
يرى آرني لومان راسموسن، المحلل لدى «غلوبال ريسك مانجمنت»، أن إغلاق المضيق سيكون بمثابة «كابوس حقيقي» من شأنه أن يفجر أسعار النفط. وفي حال حدوث ذلك، يتوقع أولي هفالباي، المحلل لدى «سي إي بي»، أن يتجاوز سعر برميل برنت مستوى 100 دولار.
يشير هفالباي إلى أن مضيق هرمز «يحظى برقابة دولية مشددة»، خاصة من البحرية الأميركية، معتبراً أن «فرض حصار كامل لعدة أسابيع أمر غير مرجّح».
مع ذلك، لم يستبعد المحلل استهداف السفن الغربية عبر هجمات محدودة باستخدام قوارب صغيرة أو ألغام أو صواريخ.
رغم أن إيران لطالما هدّدت بإغلاق المضيق، فإنها لم تنفذ هذه التهديدات حتى اليوم. واعتبر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الاثنين، أن الإقدام على مثل هذه الخطوة سيكون بمثابة «خطأ فادح آخر» و«انتحار اقتصادي» لطهران التي تعتمد بشدة على صادرات النفط.
ويرى بعض المستثمرين، أن إيران قد تتجنب تصعيد الموقف بشكل شامل لتفادي الفوضى الإقليمية وحماية منشآتها النفطية من الاستهداف المحتمل، بحسب أوزكارديسكايا.
كما أن أي تصعيد سيكون له تأثير سلبي على الصين، التي تُعد الزبون الرئيس للنفط الإيراني، وتحتل إيران المرتبة التاسعة عالمياً بإنتاج يبلغ 3.3 مليون برميل يومياً.
تقول أوزكارديسكايا إن «الأسواق تبدو أقل تأثراً بالأحداث»، مشيرة إلى أن هذا التجاهل النسبي «لافت للنظر». ويبدو أن أسعار النفط استوعبت بالفعل جزءاً كبيراً من المخاطر الجيوسياسية مع تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل منذ منتصف يونيو، إلى جانب المخاوف من ضربات أميركية داخل الأراضي الإيرانية، وهو ما تحقق الأحد.
في ذروة الاضطرابات بين ليل الأحد وصباح الاثنين، ارتفع سعر خام برنت بنسبة 15% مقارنة بمستوياته قبل اندلاع المواجهات.
أوضح جيوفاني ستاونوفو، المحلل في «يو بي إس»، أن أسعار النفط تتضمن حالياً علاوة مخاطر تقارب 10 دولارات للبرميل.
بحسب أولي هانسن، المحلل في «ساكسو بنك»، فإن أي ارتفاع في الأسعار قد يتم احتواؤه عبر «السحب من الاحتياطيات الاستراتيجية، خاصة في الولايات المتحدة والصين». لكن هفالباي يرى أن «البدائل الفورية محدودة»، باستثناء خط أنابيب يمتد من قطر نحو الغرب، لكنه لا يمتلك القدرة الكافية لتعويض المضيق.
كما لفت ستيفن إينس، المحلل في «إس بي آي أيه إم»، إلى أن تحالف «أوبك+» يمتلك طاقة إنتاج احتياطية تبلغ حوالي 5.2 مليون برميل يومياً، معظمها لدى السعودية.