رغم هدنة التعريفات.. «رصاصة» الحرب التجارية تخرج فعلاً

صحيح أن واشنطن وبكين أعلنتا التوصل إلى اتفاق بشأن تهدئة واحتواء حرب تجارية شعواء كادت تزج بالاقتصاد العالمي إلى هاوية الركود، إلا أن نيران تلك الحرب طالت أكبر اقتصادين في العالم بعدما تم تفعيلها أكثر من شهر.

وسرت التعريفات الجمركية والرسوم المتبادلة بين القطبين الاقتصادين في الفترة من 2 أبريل وحتى 14 مايو الجاري، قبل أن تُعَطَّل لمدة 90 يوما بدأت منذ منتصف الشهر الجاري.

إصابة صينية

◄ كان من المتوقع أن تنمو مبيعات التجزئة 5.5% على أساس سنوي، بحسب توقعات الاقتصاديين والأسواق، إلا أن البيانات التي صدرت صباح اليوم الاثنين، أظهرت نمواً دون التوقعات، حيث لا يزال الاستهلاك مصدر قلق.
◄ ارتفعت مبيعات التجزئة 5.1% في أبريل مقارنةً بالعام السابق، دون توقعات المحللين بنمو قدره 5.5%، ودون ما سُجِّل في الشهر حينما نمت 5.9%، وذلك في إشارة إلى أن تباطؤ الاستهلاك لا يزال يشكل مصدر قلق لثاني أكبر اقتصاد في العالم.

نمو ولكن

◄ أظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء في الصين يوم الاثنين، أن الناتج الصناعي سجل نمواً 6.1% على أساس سنوي في أبريل؛ وهو ما يفوق توقعات المحللين التي أشارت إلى ارتفاع بـ5.5%.
◄ سجل الناتج الصناعي تباطؤاً كبيراً مقارنة بما سُجِّل في الشهر حينما بلغ 7.7%، ليسجل تراجعاً بأكثر من 21%.

دون التوقعات

◄ ارتفعت استثمارات الأصول الثابتة في الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، والتي تشمل الاستثمار في العقارات والبنية الأساسية، بـ4%؛ ما يقل قليلا عن توقعات المحللين بنمو قدره 4.4%.
◄ انكمش مؤشر أسعار المنازل في الشهر الماضي على أساس سنوي إلى 0.4% مقابل انكماشه 4.5% في أبريل من العام الماضي.

بارقة أمل 

انخفض معدل البطالة المستند إلى المسح الحضري في أبريل إلى 5.1% من 5.2% في مارس، متجاوزاً توقعات باستقرار المعدل دون تغير.

وتأتي البيانات على خلفية التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، حينما فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوماً جمركية 145% على الواردات الصينية، ودخلت حيز التنفيذ في أبريل. 

قبل أن يتم الاتفاق على تعطيل تلك التعريفات الضخمة الأسبوع الماضي، كانت بكين قد ردّت برسوم جمركية مماثلة، حينما فرضت تعريفات بـ125% على الواردات الأميركية.

اتفاق الهدنة

تراجعت المخاوف من الحرب التجارية بعد أن أدى اجتماع بين ممثلي التجارة الأميركيين والصينيين في سويسرا في وقت سابق من الشهر الجاري إلى خفض الرسوم الجمركية بين أكبر اقتصادين في العالم.

واتفقت بكين وواشنطن على إلغاء معظم الرسوم الجمركية المفروضة على سلع كل منهما لمدة 90 يوماً؛ ما يتيح مجالاً لمزيد من المفاوضات للتوصل إلى اتفاق أكثر استدامة.

دفع ذلك عدداً كبيراً من البنوك الاستثمارية العالمية إلى رفع توقعاتها للنمو الاقتصادي في الصين العام الجاري، في حين خفضت التوقعات لمزيد من التحفيز الاستباقي مع سعي بكين للوصول إلى هدفها للنمو عند نحو 5%.

واشنطن أيضاً

لم تصب الرصاصة بكين فقط؛ إذ أظهرت مجموعة بيانات اقتصادية أميركية الأسبوع الماضي تباطؤ إنفاق التجزئة في أبريل وانخفاض مؤشر أسعار المنتجين وانكماشاً نسبياً في فرص العمل المتاحة، نتيجة تأثير ضبابية التوقعات الاقتصادية على المعنويات.

وقالت وزارة التجارة الأميركية إن مبيعات التجزئة ارتفعت 0.1% الشهر الماضي بعد صعودها 1.7% في مارس، مقارنة بتوقعات الاقتصاديين بأن تظل دون تغيير.

كما أوضحت وزارة العمل الأميركية في تقرير آخر أن مؤشر أسعار المنتجين للطلب النهائي انخفض 0.5% الشهر الماضي، بسبب تراجع الطلب على السفر الجوي والإقامة في الفنادق بفعل سياسة ترامب التجارية الحمائية.

حالة ترقب

في إشارة إلى أن تأثير التعريفات قد حصل بالفعل، قال رئيس «الفيدرالي» الأميركي جيروم باول الأسبوع الماضي إن البنك المركزي يحتاج بيانات أكثر لتحديد تأثير إعلانات الرسوم الجمركية على الأسعار والاقتصاد قبل تعديل السياسة النقدية.

أضاف باول أن مسؤولي البنك المركزي يشعرون أنهم بحاجة إلى إعادة النظر في العناصر الرئيسة حول الوظائف والتضخم لأخذها بالاعتبار في اتباع نهجهم للسياسة النقدية بالنظر إلى تجربة التضخم في السنوات القليلة الماضية، وذلك لمعرفة مدى تأثير تداعيات التعريفات الجمركية.