رغم أن الماس يُعد رمزاً للثروة والرفاهية، فإن دوره كأداة استثمارية لا يزال محل جدل بين المستثمرين، إذ يطرح كثيرون تساؤلات حول مدى جدواه على المدى الطويل مقارنة بالذهب والفضة. وتشير البيانات إلى أن أداء الماس على مدى العقد الماضي كان ضعيفاً، إذ سجّلت أسعار الماس الأبيض من الدرجة الاستثمارية عائداً سنوياً تراوح بين نصف بالمئة و3% فقط، وهو ما يُعد أدنى بكثير من عوائد الذهب والأسهم.
أما على مدى ثلاثين عاماً، فقد تراوح العائد التراكمي للماس عالي الجودة ما بين 30% و60%، أي ما يعادل معدل نمو سنوي مركب أقل من 2%، وهو ما يعكس ضعف قدرة الماس على بناء الثروة على المدى البعيد.
تظهر الأرقام أن العائد السنوي للماس محدود نسبياً مقارنة بأصول أخرى مثل الذهب والأسهم، ويعود ذلك جزئياً إلى طبيعة السوق غير المنظمة وعدم وجود تداول شفاف على مستوى عالمي.
عند الحديث عن التضخم، فإن الماس لا يُعد أداة فعالة للتحوط، فبعكس الذهب، لا توجد له سوق عالمية شفافة أو سعر موحد، كما أن تداوله محدود ويتطلب تكاليف بيع مرتفعة نظراً لوجود فروقات كبيرة بين سعر الشراء وسعر البيع وعمولات التجار، مما يجعل سيولته ضعيفة ويقلل من جدواه كملاذ آمن.
على النقيض من الماس، أظهر الذهب أداءً قوياً، فقد ارتفع بنسبة 55% خلال السنوات العشر الماضية، وبأكثر من 430% خلال ثلاثين عامًا، وهو ما يعادل عائداً سنوياً مركباً بين 5% و6%، كما يُنظر إليه على نطاق واسع كملاذ آمن ومخزن للقيمة في أوقات الأزمات، أما الفضة، فرغم تقلباتها الكبيرة، فقد حققت عائدًا بنحو 20% في العقد الأخير، وارتفعت بأكثر من 300% خلال ثلاثين عاماً، أي بمعدل عائد سنوي يتراوح بين 4% و5%، ما يجعلها أكثر جاذبية من الماس في المدى البعيد رغم التذبذبات.
يُستهلك الماس بنسب متساوية تقريباً بين قطاع المجوهرات والتطبيقات الصناعية، إذ يُستخدم نصفه تقريباً في صناعة الحلي، في حين يُوظف النصف الآخر في أدوات القطع والحفر والإلكترونيات الدقيقة، أما الفضة فتلعب دورًا أكبر في المجال الصناعي، إذ يُستخدم نحو نصف إنتاجها في الصناعات الإلكترونية والخلايا الشمسية واللحام، وتذهب 30% لصناعة الحلي والعملات، و20% للاستثمار والاستخدامات الطبية.
تُعد الهند أكبر مركز لتصنيع واستيراد الماس، بينما تُعد الولايات المتحدة أكبر سوق لاستهلاك الماس المصقول، وتأتي الصين في المرتبة الثانية عالميًا في استهلاك المجوهرات الماسية، أما الفضة فتمثل الصين والولايات المتحدة والهند الأسواق الرئيسة لها سواء في الصناعة أو المجوهرات، وتُعد ألمانيا واليابان أيضًا من كبار المستهلكين الصناعيين للفضة.
وبالنظر إلى هذه المؤشرات، يتضح أن الماس رغم جاذبيته الجمالية لا يُعد استثمارا مثاليا من حيث العائد أو السيولة أو القدرة على التحوط من التضخم، وعلى عكس ذلك، أثبت كل من الذهب والفضة أداءً أفضل وأكثر استقراراً على المدى الطويل، لا سيما خلال فترات التوتر الاقتصادي، ويبقى الماس خياراً فاخراً يعكس الذوق والترف أكثر من كونه أصلاً مالياً فعّالاً.