في تحول لافت يعكس تغير المزاج الاستثماري في الأسواق، سجل مؤشر «داو جونز» الصناعي، وهو المؤشر الرئيسي للأسهم الأميركية، قفزة قوية بلغت نحو 15% خلال الأسابيع الخمسة الماضية فيما كسب مؤشر «ناسداك» 29%، في إحدى أسرع موجات الصعود في تاريخه.
جاء هذا الأداء الاستثنائي مدفوعاً بجملة من العوامل المتداخلة، من بينها انفراج في التوترات التجارية العالمية، ونتائج فصلية قوية لعدد من الشركات الكبرى، إلى جانب تحسّن في البيانات الاقتصادية المحلية.
وقد عززت هذه العوامل مجتمعة من ثقة المستثمرين لتفتح الباب أمام تساؤلات حول ما إذا كانت الأسواق قد بدأت فعلاً مرحلة استقرار ونمو جديدة.
أبرز المحفزات كان الإعلان عن اتفاق بين الولايات المتحدة والصين يقضي بتقليص الرسوم الجمركية المتبادلة لفترة تمتد 90 يوماً. فقد خفضت واشنطن الرسوم على السلع الصينية من 145% إلى 30%، بينما قلّصت بكين الرسوم على السلع الأميركية من 125% إلى 10%.
ساهم هذا الانفراج في تهدئة التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، ما انعكس إيجاباً على الأسواق، حيث تجاوزت مكاسب «داو جونز» 2% فور صدور الإعلان.
بعد بداية ضعيفة لعام 2025، شهد المؤشر الصناعي انتعاشاً ملحوظاً منذ مطلع أبريل، مرتفعاً بنحو 15%.
ترافق هذا الصعود مع تحسن مماثل في باقي المؤشرات، حيث تمكن «ستاندرد آند بورز 500» من تعويض كامل خسائره منذ بداية 2025، فيما سجل «ناسداك 100» ارتفاعات قوية.
لعبت شركات التكنولوجيا والرقائق الإلكترونية دوراً محورياً في موجة الصعود، مدفوعة بنتائج فصلية إيجابية وتوقعات متفائلة للقطاع.
وسجل مؤشر «ناسداك» نمواً بنسبة 29% تقريباً منذ أدنى مستوياته، ما يعكس شهية المستثمرين المتزايدة نحو الأسهم التقنية.
عززت البيانات الاقتصادية الأخيرة من المعنويات الإيجابية، إذ أظهرت مرونة في الأداء الاقتصادي، شملت تحسناً في مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي، ما دفع المستثمرين للعودة إلى الأسواق بثقة أكبر.
رغم هبوط سهم «يونايتد هيلث» بأكثر من 50% نتيجة تحقيق جنائي وتغييرات إدارية، فإن تأثيره على «داو جونز» بقي محدوداً نظراً لانخفاض وزنه في تركيبة المؤشر.
على الصعيد العالمي، سجلت الأسواق الناشئة مكاسب طفيفة خلال الفترة ذاتها، إذ ارتفع مؤشر «MSCI» بنحو 0.5%.
غير أن تقارير «بنك أوف أميركا» أشارت إلى استمرار خروج التدفقات من هذه الأسواق للأسبوع الثالث على التوالي حتى 14 مايو، ما يدل على استمرار الحذر تجاه هذه الفئة من الأصول.
يُذكر أن موجة التفاؤل في الأسواق الأميركية قابلها أداء متباين في بقية أنحاء العالم، في انعكاس للفروقات في الأساسيات الاقتصادية والسياسات النقدية بين الاقتصادات المتقدمة والناشئة.