logo
اقتصاد

نقيب الاقتصاديين في سوريا يشرح لـ«إرم بزنس» خريطة التعافي بعد العقوبات

نقيب الاقتصاديين في سوريا يشرح لـ«إرم بزنس» خريطة التعافي بعد العقوبات
صورة لإحدى مناطق العاصمة السورية دمشقالمصدر: أرشيفية
تاريخ النشر:18 مايو 2025, 07:44 ص

مع الإعلان عن رفع العقوبات الأميركية وقبلها الأوروبية عن سوريا، يعود الاقتصاد السوري إلى دائرة الضوء، وسط تساؤلات جوهرية عن قدرة البلاد على تحويل هذا التطور السياسي إلى مسار اقتصادي فعلي. 

فبينما تشهد السوق السورية تحسناً نسبياً في سعر الصرف، وتراجعاً ملحوظاً في أسعار بعض السلع، تبقى مؤشرات التعافي مرهونة بما هو أبعد من القرار السياسي، لتشمل عمق الإصلاحات الاقتصادية، وسرعة استجابة المؤسسات.

وقال نقيب الاقتصاديين في سوريا محمد البكور في حوار مع «إرم بزنس»، إن رفع العقوبات يُعد نقطة تحوّل مفصلي في مسار التعافي الاقتصادي، لكنه «ليس عصا سحرية» بل ما زال يتوجب عمل الكثير للنهوض باقتصاد البلاد المنهك.

وأضاف أن مرحلة ما بعد العقوبات تتطلب أدوات مختلفة، أهمها رؤوس الأموال الضخمة، وحزمة واسعة من العمل في البنى التحتية التي يحتاج  60% منها إلى الصيانة والإصلاح.

ووصف تحسّن سعر صرف الليرة، مؤخراً، بـ«التحسن النفسي» مع الاستعداد لبدء مرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي الإقليمي والدولي، لكنه شدد، في الوقت ذاته، على حاجة الاستقرار الحقيقي للتدفقات الرأسمالية، وإعادة بناء الثقة بالمؤسسات المالية والمصرفية.

وأكد امتلاك بلاده مقومات جذب كبيرة، من موقع إستراتيجي، ويد عاملة مؤهلة، وتكلفة تشغيل منخفضة، والأسواق الخصبة، والرغبة الحقيقية في احترام حقوق المستثمر.

 وتالياً نص الحوار:

* ماذا بعد احتفالات السوريين برفع العقوبات الأميركية؟

العمل بدأ.. رفع العقوبات سيوفر علاقة «رابح – رابح» بين سوريا والدول التي ترغب في الاستثمار في البلاد، ما سيسهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد الوطني، وتعزيز الاستثمارات، وسينعكس على الوطن والمواطن.

واقتصاد سوريا ليس مقتصراً على قطاع واحد فقط، والدولة توفر بيئة خصبة للاستثمار، مع توفر عناصر الإنتاج والعوامل المشجعة للمستثمرين. 

أخبار ذات صلة

وزير سوري لـ«إرم بزنس»: نحرك عجلات الربط الإقليمي.. وانتظروا مترو دمشق

وزير سوري لـ«إرم بزنس»: نحرك عجلات الربط الإقليمي.. وانتظروا مترو دمشق

* ما الذي تحتاجه سوريا اليوم في ملف إعادة الإعمار؟

نحتاج رؤوس أموال ضخمة، وحزمة واسعة من العمل في البنى التحتية التي  يحتاج 60% منها إلى الصيانة والإصلاح.

كما أن هناك حاجة ملحة لبناء أكثر من 4 ملايين وحدة سكنية، بجانب إعادة إعمار العديد من المدن والأحياء التي تحتاج إلى إجلاء وإعادة بناء.

والطرق تحتاج إلى إصلاحات وخطة نهوض كبيرة بقطاع النقل البري، كذلك قطاع النقل البحري الذي يعاني نقصاً في المرافق والموانئ التي تشجع حركة التجارة ونمو الصادرات والواردات البحرية.

* متى سيشعر المواطن بالتحسن الاقتصادي؟

تحسَّن دخل وراتب المواطن السوري منذ سقوط النظام السابق بشكل مباشر وغير مباشر، حيث كان سعر الصرف قبيل انهيار النظام حوالي 15 ألف ليرة لكل دولار، والآن أصبحت حوالي 9000 ليرة، فالقوة الشرائية للراتب وما يوازيه من دولارات زادت، وأسعار المواد الغذائية والأساسية انخفضت كثيراً عما كان الأمر عليه قبل سقوط نظام الأسد.

كيلو الموز مثلاً كان يباع بـ60 ألف ليرة، والآن أصبح بنحو 9000 ليرة فقط، أما سبب التغير الكبير فهو الرسوم الجمركية المرتفعة التي كان يفرضها النظام السابق، والإتاوات المفروضة على الحواجز، فضلاً عن التكلفة المرتفعة جداً.

وبسقوط النظام سقطت المخاوف التي كانت تزيد تكلفة البضائع.

ما زلنا بحاجة إلى زيادة الرواتب، لكن الجيد أن الرواتب لم تنقطع إلا لبعض المؤسسات التي كانت قيد التسوية، وأعيد افتتاحها واستأنف الجميع قبض رواتبهم، بجانب المنح التي قُدّمت في رمضان والتي ستقدم مستقبلاً.  

* كيف ستجذب السوق السورية المستثمرين اليوم؟

سوريا ذات موقع إستراتيجي يتوسط الشرق والغرب، ويجب أن تكون نقطة وسيطة مهمة للنقل البري والبحري والجوي.

علاوة على ذلك، فإن اليد العاملة متوافرة، والبيئة مناسبة للاستثمار، والمواد الأولية منخفضة الأسعار، وكذلك تكلفة الأجور منخفضة، والحكومة تشجع الاستثمار والشراكة.

كما تتوافر مشجعات قانونية، ورغبة حقيقية في احترام حقوق المستثمر داخل سوريا، كذلك الأسواق خصبة، والصناعات، اليوم، في حدها الأدنى، ما يفتح المجال واسعاً للنمو والتطوير.

وهناك دعوة واضحة من الرئيس السوري أحمد الشرع لحماية المستثمرين، وضمان حقوقهم.

الفائدة لن تعود على سوريا فحسب، بل على الدول المجاورة أيضاً، فالعراق سوق مستهلك للسلع السورية، وهناك رغبة في إعادة التعاون الاقتصادي.

ولعلكم تذكرون أن مصانع حلب كانت تصدّر إلى أوروبا، ودول الخليج، وبعض الدول الأفريقية العديد من المنتجات، لا سيما من الصناعات النسيجية.

أخبار ذات صلة

«موانئ دبي» في طرطوس.. ما أهمية أكبر صفقة حتى الآن في سوريا؟

«موانئ دبي» في طرطوس.. ما أهمية أكبر صفقة حتى الآن في سوريا؟

* كيف أثرت العقوبات على سوريا؟ 

استهدفت العقوبات الدولة السورية كاملة، وأثرت بشكل كبير على اقتصادنا، لا سيما قطاع النفط الذي تأثرت حركة تدفق وارداته وصادراته، ما أثر في الناتج القومي المحلي، وأدى إلى خسائر في الميزان التجاري.

ومع فقدان الموارد النفطية المحلية، تحتاج سوريا إلى نصف الطاقة التشغيلية، ما يؤثر في معظم الصناعات بما فيها قطاع الطاقة الذي يعتمد على الغاز والنفط لتوليد الكهرباء، ما أسفر عن تراجع الإنتاج الصناعي على سبيل المثال.

فالطاقة الكهربائية أساس العمل الصناعي في المعامل والقطاعات الصناعية كافة، وأي نقص في الطاقة الكهربائية يؤثر بشكل مباشر على أداء القطاع الصناعي وفاعليته.

* هل العقوبات وحدها ما يؤثر في قطاع النفط؟ 

لا بالطبع، القطاع يترقب أيضاً مدى الالتزام بتنفيذ الاتفاق بين الدولة وقوات «سوريا الديمقراطية»، فهي كانت مسيطرة على آبار النفط، وهذه الآبار خارج الموازنة، ولكن إذا تم تفعيل الاتفاق ستدخل عائدات الآبار إلى موازنة الدولة.

رفع العقوبات سيسهل استيراد النفط والغاز من الخارج، وبالتالي سيتاح تشغيل محطات الطاقة الكهربائية لتشغيل المصانع وتحسين الخدمات، وكذلك توفير الكهرباء للمنازل.

* كيف تأثرت القطاعات الأخرى برفع العقوبات الأميركية؟

امتد تأثير رفع العقوبات ليشمل مختلف القطاعات، ومنها المصرفي والتحويلات المالية، والبنى التحتية، وقطاع التكنولوجيا، وحتى الخدمات.

فعلى سبيل المثال، حين تتعطل طائرة، لا يمكن استبدال محركها بسبب العقوبات التي تمنع ذلك.

كما تراجعت التكنولوجيا في البلاد بشكل ملحوظ، بما في ذلك التقنية الحديثة والمعامل التي كانت تستطيع المنافسة، ما أدى إلى تراجع قدرة تشغيل اليد العاملة.

حركة الطيران في سوريا انخفضت أيضاً إلى 160 ألف مسافر، مقارنة بـ450 ألفاً سابقاً، بينما في دولة مجاورة تجاوز عدد المسافرين الـ10 ملايين سنوياً، وهو فرق هائل.

* لكن هناك من يقول إن العقوبات كانت موجهة نحو النظام لا الشعب

العقوبات استمرت لما يقارب 40 عاماً، ولم تقتصر على الحكومة أو النظام السابق فقط، بل طالت الشعب السوري بطبيعة الأحوال، لا سيما حين زادت حدتها خلال السنوات الأخيرة. 

نظام الأسد أنشأ شركات وهمية لتفادي العقوبات، بينما الشعب ظل يتضرر ولم يجد مفراً منها.

* ما الانعكاسات المتوقعة لرفع العقوبات عن الليرة السورية؟

لا شك في أن عودة الاستثمارات ستزيد النقد الأجنبي، وتحسّن قيمة الليرة، لكن الارتفاع المنشود يجب أن يكون مدروساً؛ لأن الأهم من الارتفاع هو الاستقرار في العملة.

أما استبدال الليرة الحالية، فقد جُرِّب منذ سنوات في شمال غرب سوريا، حين تحررت المنطقة من النظام السابق، وباتت تستخدم سلة عملات لا تتضمن الليرة المحلية.

عموماً شراء وجبة اليوم يحتاج مئات آلاف الليرات، وهذا مرهق للناس وليس منطقياً، لذلك سيُعَالَج الأمر من خلال استبدال الليرة الحالية، الأمر الذي يحتاج دراسة لكمية العملة المطلوبة وقيمتها السوقية. 

* ماذا عن تأثير رفع العقوبات على سعر الصرف؟

وعود رفع العقوبات على سوريا أثرت نفسياً على الليرة التي تحسن سعر صرفها من 11000 إلى 9000 ليرة مقابل الدولار الأميركي، ما يقارب 20 أو 18% من قيمة العملة.

وفي الحقيقة، بدأ التحسن منذ سقوط نظام بشار الأسد بعكس الشائع، فعادة ما تنهار قيمة عملات الدول عقب الثورات والاضطرابات.

وباتت الليرة، الآن، تشهد تحسناً مع كل زيارة سواء للرئيس السوري أو وزير الخارجية لأي من دول الجوار أم الدول الإقليمية أم العالمية. 

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC