في خطوة استراتيجية تهدف إلى تنظيم السوق العقاري المصري، صدر قانون الرقم القومي الموحد للعقارات، الذي يخلق نقلة نوعية في الطريقة التي يُدار بها القطاع العقاري في مصر.
ويأتي هذا القانون كجزء من خطة شاملة لتحقيق التحول الرقمي في مختلف القطاعات الاقتصادية، ويعد بمثابة أداة لتعزيز الشفافية، تقليل المخاطر، وتسهيل الاستثمار الأجنبي إلا أنه أثار تساؤلات بشأن مدى إمكانية تحقيق أهدافه في تعزيز الثقة بالسوق العقاري وكذلك عن التحديات التي قد تواجه تطبيقه.
يأتي القانون ضمن عدة خطوات تتخذها الحكومة للنهوض بالسوق العقاري وتسهيل عملية التصدير للعقار المصري للمستثمرين الأجانب، وينشئ القانون قاعدة بيانات قومية إلكترونية للعقارات، تتكون من رقم قومي موحد لكل عقار.
وفي هذا السياق، يشير المستشار أسامة سعد الدين، المدير التنفيذي لغرفة صناعة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، إلى أن إقرار قانون الرقم القومي الموحد للعقارات يعتبر خطوة من عدة خطوات للنهوض بالسوق العقاري وتسهيل العمل على ملف التصدير للعقار المصري.
وفي حديثه مع «إرم بزنس»، يوضح سعد الدين أنه بموجب القانون سيتم إنشاء قاعدة بيانات لكافة العقارات، وذلك لا يتعارض إطلاقا مع نقل الملكية.
فيما اعتبر محمد عادل خبير تسويق عقاري في حديثه مع «إرم بزنس» أن مشروع القانون يعتبر خطوة أولى لعملية تطوير الثروة العقارية من خلال الميكنة وتقليل التدخل البشري، مشيرا إلى أن إنشاء قاعدة بيانات الرقم القومي للعقارات، ينصب بشكل سريع في مصلحة المغتربين والمصريين بالخارج.
عادل أوضح أن إرسال المعلومات للتسجيل على قاعدة البيانات سيكون يدوياً أو إلكترونياً، وبالتالي سوف يصبح الأمر أكثر سهولة على المصريين بالخارج.
واعتبر أنه بموجب القانون سوف يكون هناك بطاقة تعريفية مؤمنة، في شكل وسيط مادي أو رقمي، يتعامل بها صاحب الشأن، وتتضمن الرقم القومي الموحد للعقار، وغيرها من البيانات التعريفية الخاصة به، وتكون قابلة للقراءة من خلال رمز الاستجابة السريعة أو غير ذلك من الوسائل الإلكترونية الحديثة.
ووفق خبير التسويق العقاري فإنه بعد إقرار القانون سيتم التعامل مع الوحدات العقارية على أنها سلعة، وهذا ينصب في صالح المواطن في المقام الأول والاقتصاد الوطني بشكل عام، موضحاً أن القانون سيتيح تصدير الوحدة بكل سهولة ويسر، أو الحصول على قرض بموجبها، وبالتالي من المنتظر أن ينعكس ذلك على حجم المبيعات داخل السوق العقاري المصري، وجذب المزيد من الاستثمارات للقطاع، كل هذا سوف يحدث حراكا داخل القطاع.
ومن جانبه، أكد النائب محمد عطية الفيومي، رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب في تصريحات صحفية، أن القانون سيساهم في تشجيع الاستثمار العقاري ومضاعفة حجم السوق، وسيلبي احتياجات التطور العقاري في مصر، ويساعد في تقدير حجم الثروة العقارية وتأمينها ضد أعمال التدليس.
الفيومي أشار إلى أهمية التسويق الدولي للعقارات المصرية، موضحًا أن وجود رقم قومي لكل عقار سيزيد من الثقة لدى المستثمرين الأجانب بناءً على قاعدة بيانات شاملة للعقارات.
وبحسب النائب المصري، يأتي القانون متوافقاً مع استراتيجية الدولة للسعي نحو التحول الرقمي في جميع المؤسسات وتحقيق التنمية المستدامة، حيث يمثل مشروع الرقم القومى الموحد للعقارات خطوة استراتيجية هامة تهدف إلى تنظيم وتوثيق الثروة العقارية فى مصر بصورة دقيقة وموحدة، كونها تمثل أحد أهم موارد الدولة الاقتصادية والاجتماعية.
بدوره، يتوقع الدكتور محمد مصطفى القاضي، خبير التخطيط العمراني، أن القانون سيعمل على إعادة وجه مصر الحضاري، وسيقضي على العشوائيات.
ويؤكد القاضي خلال حديثه مع «إرم بزنس» أن مشروع القانون جاء لصالح المواطن المصري، لافتًا إلى أن المنازل كلها كانت مرقمة في مصر، قبيل انتشار العشوائيات ومخالفات البناء التي انتشرت بعد تخلي الدولة عن البناء والتدخل في السوق العقاري منذ التسعينيات.
واعتبر خبير التخطيط العمراني أن القانون يمثل إرادة حقيقية لدى الدولة، ويمثل خطة تبدأ بها الجمهورية الجديدة، ويكون لدينا قاعدة بيانات عقارية متكاملة نستطيع من خلالها أن نرتب تسويقا حقيقيا للثروة العقارية في مصر وهو أمر فى غاية الأهمية، حيث يتيح الرقم القومي الموحد تحديد تصنيف دقيق للملكية العقارية، وتحديد اشتراطات البناء والترخيص، ورصد المخالفات الخاصة بكل عقار، وتحديد الضريبة العقارية واجبة التحصيل، والوقوف على بيانات الاستهلاك من المرافق الأساسية كالمياه والغاز والكهرباء.
ورغم أهمية القانون وحاجة السوق العقاري له تثار مخاوف بشأن كيفية تطبيقه في الواقع المعقد الذي يستلزم فترة طويلة لإعداد قاعدة المعلومات، وهذا ما يحذر منه المحامي أبانوب طلعت خلال حديثه مع «إرم بزنس» حيث حذر من فرض رسوم لاستخراج الرقم القومي للعقار بما يمثل عبئا أضافيا على المواطنين، وعلق على المادة الرابعة من القانون الخاصة بتشكيل لجنة بقرارا من رئيس الوزراء لدراسة كيفية تنفيذ القانون بأنها مؤشر على غياب رؤية متكاملة حول تطبيق القانون ما يجعله عرضه للفشل في التنفيذ.
ويرى أبانوب أنه كان ينبغي التمهل في إصدار القانون حتى يمكن تسجيل 50% من العقارات القائمة الصالحة للتسجيل ولديها تراخيص حيث إن هناك مشكلة في تسجيل العقارات بسبب مخالفات البناء والرسوم المرتفعة مقابل التسحيل في الشهر العقاري.
وعلى الرغم من التحديات التي قد تواجه تنفيذ هذا القانون، إلا أن تطبيقه بشكل كامل سيسهم في وضع مصر على خريطة الاستثمار العقاري العالمية، كما أنه يسهم في تحقيق الشفافية وتقليل المخاطر وسيساعد في جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، ويضع السوق العقاري المصري في مسار أكثر تنظيماً وتطوراً بما يحقق نتائج إيجابية بعيدة المدى على الاقتصاد المصري وتحقيق التنمية المستدامة في القطاع العقاري.