شهدت السوق المصرفية المصرية تحولات لافتة مؤخراً، شملت قرارات بمضاعفة حدود بيع الدولار للمسافرين إلى الخارج، وخفض رسوم المعاملات الدولية؛ ما أثار تساؤلات عمَّ إذا كانت البلاد بصدد تجاوز أزمة شح الدولار التي أثّرت في الاقتصاد المحلي بالأعوام الماضية؟.
وألغت القرارات شرط إثبات السفر لاستخدام بطاقات الائتمان خارج مصر، ورفعت حد شراء الدولار بغرض السفر إلى 10 آلاف دولار، فضلاً عن خفض رسوم تدبير العملة من 5% إلى 3%، وزيادة الحد الشهري لاستخدام البطاقات في الخارج إلى 10 آلاف دولار.
القرارات التي تزامنت مع صعود الجنيه المصري إلى أقوى مستوياته أمام الدولار منذ عام، عكست، وفق خبراء، إشارات على تحسن نسبي في سيولة النقد الأجنبي لدى القطاع المصرفي.
قفز الجنيه المصري، اليوم الأربعاء، إلى أقوى مستوياته أمام الدولار الأميركي منذ نحو عام، ليتراوح بين 48.25 جنيه، و48.46 جنيه للشراء، و48.35 جنيه و48.56 جنيه للبيع، مقارنة مع 51.73 جنيه في أبريل الماضي، متأثراً بخروج الاستثمارات من الأسواق الناشئة.
يُرجع خبراء هذه الانفراجة إلى عدة عوامل، منها:
يرى عضو اللجنة الاستشارية الاقتصادية في مجلس الوزراء مدحت نافع، أن هذه التسهيلات تعكس ثقة أكبر من البنوك في قدراتها على تلبية الطلب على الدولار.
لكنه حذَّر من أن بعض مصادر العملة الأجنبية قد تكون مؤقتة أو معرضة لتقلبات؛ ما يهدد الاستدامة ما لم تُدعم بزيادة الصادرات والاستثمار المباشر.
في السياق ذاته، نبّه الخبير الاقتصادي علي الإدريسي إلى ضرورة عدم الانخداع بتحسن مؤقت، مؤكداً أهمية توجيه الموارد نحو مشروعات ذات أولوية وجدوى اقتصادية حقيقية، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية بالمنطقة والتي قد تطيح بسرعة بأي مكاسب حالية.
رغم الخسائر الكبيرة في إيرادات قناة السويس التي بلغت 8.5 مليار دولار بسبب اضطرابات البحر الأحمر، فإن فائض التحويلات والسياحة والاحتياطي الأجنبي دعم توازن السوق، بحسب إدريسي.
وأشار إلى أن السوق الموازية باتت أضعف، فيما يملك القطاع الرسمي حالياً أدوات أقوى لإدارة سوق النقد.
ولفت إلى أن القاهرة جمعت بالفعل أكثر من 1.1 تريليون جنيه من إصدارات الدين المحلي خلال شهر يوليو الماضي وحده؛ ما يعكس ثقة المستثمرين في السوق المصري رغم التحديات الخارجية.
ناهزت تحويلات المصريين بالخارج في الربع الأول من العام الحالي نحو 8.33 مليار دولار، مقارنة بـ5 مليارات دولار فقط في الفترة نفسها من العام الماضي، أي بزيادة قدرها 84.4%، وهي الأعلى على الإطلاق لفترة فصلية في تاريخ البلاد، وفقاً لبيان صادر عن البنك المركزي المصري في يونيو الماضي.
ووصلت تحويلات الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية 2024/2025 إلى 26.4 مليار دولار، بمعدل نمو سنوي يقارب 83%؛ ما يعكس تغييراً جوهرياً في سلوك تحويل الأموال بعد تنفيذ سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية.