logo
اقتصاد

سيناريو لا يرغب فيه أحد.. لماذا تهدّد حرب إيران وإسرائيل بكساد عالمي؟

سيناريو لا يرغب فيه أحد.. لماذا تهدّد حرب إيران وإسرائيل بكساد عالمي؟
صورة أرشيفية لسفينة حربية تعبر مضيف هرمز.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:20 يونيو 2025, 04:50 ص

مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن الحرب التجارية، يأتي الصراع الإسرائيلي الإيراني الأخير ليربك حسابات العالم أكثر، في ظل تساؤلات عما ستؤول إليه الأوضاع في قادم الأيام، وهل ستتصاعد التوترات أم ستهدأ؟

منذ الغارات المباغتة التي نفذتها إسرائيل في الـ13 من يونيو الجاري، والتي استهدفت البرنامج النووي الإيراني ومنشآت عسكرية وأسفرت عن مقتل عدد من كبار القادة الإيرانيين، يواصل الطرفان تبادل الهجمات الواسعة.

في هذه المرحلة يبدو كل احتمال ممكناً، ولم يبقَ أمام الخبراء والمحللين سوى رسم سيناريوهات حسب الحدة، وتأثير ذلك على الأسواق والاقتصاد العالمي.

أخبار ذات صلة

كيف تؤثر حربا غزة وإيران على موازنة إسرائيل؟

كيف تؤثر حربا غزة وإيران على موازنة إسرائيل؟

سيناريو الاحتواء

في السيناريو المتداول الأكثر تفاؤلاً، قد تشهد المواجهات تراجعاً سريعاً، ربما بدفع من جهود وساطة دولية حثيثة. وأي إجراءات انتقامية ستكون محدودة ورمزية. عندها، سيعود التركيز إلى القنوات الدبلوماسية، وربما حتى إعادة إحياء المفاوضات المتوقفة بشأن الأمن الإقليمي الأوسع أو البرنامج النووي الإيراني.

بالنسبة للاقتصاد العالمي، هذا يعني عودة سريعة لأسعار النفط إلى مستويات ما قبل الأزمة، أي أن القفزة الأولية في الأسعار ستكون قصيرة الأجل، مع تعافي الأسواق بسرعة.

كانت أسعار النفط الخام ارتفعت بأكثر من 13% في وقت ما يوم الجمعة الماضي، عقب الهجمات الليلية، لتضيف يوم الإثنين 7% أخرى متجاوزة 74 دولاراً للبرميل. وعلى الرغم من أن ارتفاع أسعار النفط يوم الجمعة مثّل أكبر مكسب يومي منذ عام 2022، إلا أن ثمة اعتقاداً لدى المحللين بأن العقود الآجلة لخام برنت القياسي العالمي، لا تزال أقل بكثير من المستويات التي شهدتها في أعقاب توغل موسكو في الأراضي الأوكرانية.

وحتى لو تجاوز سعر النفط 90-100 دولار للبرميل، فمن المرجح أن يكون التأثير مؤقتاً، مع وجود فائض إنتاج لدى دول منظمة «أوبك».

هذا يعني أن المخاوف من موجة تضخم أخرى، ستكون محدودة نسبياً. واستقرار أسعار الطاقة سيسمح للبنوك المركزية حول العالم بمواصلة سياساتها النقدية المخطط لها لدعم النمو، دون ضغوط تضخمية إضافية.

كما أن أي اضطرابات، مثل إلغاء الرحلات الجوية مؤقتاً في المناطق المجاورة، ستكون طفيفة وسريعة الحل. وستبقى طرق الشحن الحيوية، مثل مضيق هرمز، مفتوحة وآمنة بالكامل.

وفق هذا السيناريو، ستنتعش ثقة المستثمرين بسرعة، ما سيؤدي إلى عودة الشهية للأصول الخطرة والتخلي عن الملاذات الآمنة.

بشكل عام، سيتنفس العالم الصعداء، ويعود التركيز إلى مسارات النمو. وربما يكون المستثمرون قد أخذوا هذا السيناريو في الاعتبار، إذ لا تزال أسواق الأسهم تقاوم المخاوف الأوسع نطاقاً بشأن الصراع.

أخبار ذات صلة

كيف يؤثّر التصعيد العسكري الإسرائيلي الإيراني على التجارة البحرية؟

كيف يؤثّر التصعيد العسكري الإسرائيلي الإيراني على التجارة البحرية؟

سيناريو التوترات المطولة والصراعات بالوكالة

في السيناريو التالي، الذي تطبعه التوترات المطولة والصراعات بالوكالة، يتوقع المحللون نزاعاً أطول أمداً وأكثر غموضاً.

بينما يُمكن تجنّب حرب مباشرة شاملة في هذا الإطار، إلا أن التوترات الكامنة ستظل مرتفعة للغاية. فبدلاً من المواجهة المباشرة، قد تنخرط إسرائيل وإيران في «حربٍ خفية» مُكثّفة، أو تُصعّدان الصراعات بالوكالة في كل من سوريا والعراق واليمن، أو من خلال جماعات مثل حزب الله في لبنان.

وفق هذا المسار، قد تحدث ضربات مُوجّهة أو هجمات إلكترونية عرضية، عادة ما تفشل في إثارة تدخّل عسكري مباشر أوسع، في وقت تستمر الجهود الدبلوماسية، وإن ببطء وضعف في تحقيق حلّ دائم.

حينها، ينبغي توقع أسعار نفط مرتفعة ومتقلّبة. يُعزى ذلك إلى استمرار علاوة المخاطر الجيوسياسية والمخاوف المُستمرة بشأن انقطاعات مُحتملة في الإمدادات، في منطقة تُسيطر على جزء كبير من نفط العالم.

من المرجح أيضاً أن تشهد أقساط تأمين الشحن ارتفاعاً، مع إعادة توجيه طفيفة لبعض السفن التجارية نظراً للمخاطر المتصورة في بعض الممرات المائية. هذا يُترجم ارتفاعاً في تكاليف الخدمات اللوجستية التي ستنتقل في النهاية إلى المستهلكين.

في المحصلة، ستضرب العالم موجة جديدة من التضخم، تدفع البنوك المركزية إلى الانحراف فجأة عن دورة التيسير النقدي الجارية، والتحول إلى سياسات متشددة في ظل تعقيد جهود السيطرة على الأسعار.

تعرض سلاسل التوريد لقيود، سيتسبب في رياح معاكسة ستضعف احتمالات تجنب التأثير على الاقتصاد العالمي ككل. وفي الأسواق العالمية، سيهيمن العزوف عن المخاطرة، ما سيؤدي إلى تقلبات في أداء الأسهم واستمرار الطلب على أصول الملاذ الآمن مثل الذهب والدولار. وقد ينخفض ​​الاستثمار الأجنبي المباشر في منطقة الشرق الأوسط عموماً.

السيناريو الذي لا يرغب فيه أحد

أسوأ السيناريوهات الذي قد ينتهي بلحظات كارثية، يتمثل في نشوب حرب إقليمية شاملة وإغلاق لمضيق هرمز. حينها سيخرج الصراع العسكري المباشر بين إسرائيل وإيران عن السيطرة، مُقحماً قوى إقليمية أخرى، وربما حتى جهات عالمية رئيسة.

قد تحاول إيران إغلاق مضيق هرمز أو تعطيله بشكل كبير، وهو نقطة عبور لكمية كبيرة من نفط وغاز العالم. وقد ترتفع أسعار الطاقة بشكل حاد، ما سيؤدي إلى تضخم مفرط، ويطلق شرارة ركود عالمي.

وفقاً لـ«غولدمان ساكس»، فإن أسوأ السيناريوهات المحتملة، وهو حصار مضيق هرمز - الذي لم يُغلق تماماً حتى خلال الحرب الإيرانية العراقية الطويلة بين عامي 1980 و1988 - قد يدفع العالم إلى أزمة طاقة، بينما حذر «باركليز» من أن أسعار النفط قد تتخطى 100 دولار للبرميل إذا تصاعد الصراع في الشرق الأوسط.

ومع إغلاق الطرق البحرية وخطوط الشحن أو تحويل مساراتها، ستحدث اضطرابات كبيرة في سلاسل التوريد، ما يشل التجارة العالمية ويُسبب نقصاً حاداً في السلع والمنتجات. في هذه الحالة، سيتأثر قطاع التصنيع العالمي سلباً. ومع توقف الإنتاج والاستثمارات، سيتوقف النشاط الاقتصادي، وسيدخل العالم في حالة ركود قد تتحول إلى كساد إذا استمر الوضع.

بناء عليه، ستصبح الضغوط التضخمية المفرطة مصدر قلق بالغ، ما سيضع العالم أمام أزمة غلاء معيشة كبرى.

بالموازاة مع ذلك، ستُسيطر التقلبات الشديدة على الأسواق المالية، مع انخفاضات حادة في أسواق الأسهم عالمياً. حتى أصول الملاذ الآمن التقليدية قد تُعاني.

وفي حين أن العديد من المحللين يعتبرون هذا السيناريو الملاذ الأخير، نظراً لتكاليفه الباهظة على جميع الأطراف، إلا أن الخطر يتصاعد مع كل خطوة تُقرب من صراع أوسع. فترابط اقتصادات العالم يعني أن حتى التوترات متوسطة الحدة يمكن أن تُسفر عن عواقب وخيمة وواسعة النطاق تتجاوز بكثير منطقة الصراع المباشرة.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC